“أنا ميكيافيل”… حين يتحوّل الحلم الثوري إلى عرض جانبي

“أنا ميكيافيل”… حين يتحوّل الحلم الثوري إلى عرض جانبي
nabae 2421 ديسمبر 2025آخر تحديث : منذ يوم واحد

“أنا ميكيافيل”… حين يتحوّل الحلم الثوري إلى عرض جانبي
NaBae24
لم يكن الفيديو الجديد المنسوب لحميد المهداوي مجرد لقطة عابرة في عاصفة مواقع التواصل؛ لقد بدا، مرة أخرى، وكأنه فصل إضافي من مسلسل طويل عنوانه “كيف تصنع بطولة من سراب”. فالرجل، الذي يقدّم نفسه ضحيةً تارة، ومُنقذًا تارة أخرى، يظهر اليوم في تسريب يتباهى فيه بصفة “ميكيافيلية”، وكأنه يُعلن انتماءه إلى مدرسة تُجيز الغاية ولو احترقت الوسيلة.
الغرابة ليست في الوصف نفسه، بل في الطريقة التي يكرره بها بحماسة طالب في أول طريقه، يصنع لنفسه هالة نظرية أكبر بكثير من حجم الفعل الذي يقدّمه. فمن يسمع المهداوي يتحدث عن “المشروع الثوري الكبير” قد يظنّ أن الرجل يقود حركة تغيير تاريخية، بينما الواقع يقدّم مشهدًا آخر: صحافي صغير، لا يزال يخلط بين حماسة الخطاب وقيمة البناء، وبين ضوضاء الادعاء وهدوء الإنجاز.
لقد صار من المزعج أن تتحوّل بعض الأصوات الإعلامية إلى عروض استعراضية، لا تخدم الحقيقة ولا تحمي الوطن، بل تراهن على الإثارة والبطولة الوهمية. فـ“الثورات” التي تُصنع خلف الكاميرات، وبمفردات دخيلة، لا تُلهم شعبًا ولا تغيّر واقعًا؛ كل ما تفعله هو تضخيم الذات ونحت بطولة شخصية على حساب وعي الجمهور.
ما يحتاجه المغرب اليوم ليس “ميكيافيليين” جدداً ولا حالمين بمشاريع ثورية تُبنى على الفراغ. ما يحتاجه هو إعلام مهني، ناضج، يُدرك أن الكلمة مسؤولية، وأن النقد ليس منصة للبطولة، بل أداة للإصلاح. أما تحويل الهشاشة الفكرية إلى سردية بطولية، فهو أكبر إساءة للإعلام قبل أن يكون إساءة للوطن.
وفي كل مرة يظهر فيها هذا النوع من الخطاب، يتأكد أن بعض “الحالمين” لا يزالون يعيشون خارج الزمن، يختارون طريقًا قصيرًا نحو الشهرة، لكنه أطول الطرق ابتعادًا عن المصداقية.
عمود أسبوعي يوقعه الكاتب الصحفي ذ. حسن فقير٨

رابط مختصر
اترك تعليق

يجب ان تسجل الدخول لكي تتمكن من إضافة التعليقات

الاخبار العاجلة