“هيام القلب ببني عمير” – عن قصة حياتي -..

“هيام القلب ببني عمير” – عن قصة حياتي -..
hassan faqir8 مايو 2025آخر تحديث : منذ 13 ساعة

“هيام القلب ببني عمير” – عن قصة حياتي -..

بقلم ذ: حسن فقير

منذ أن وطأت قدماي تراب الفقيه بن صالح، وعمري ثلاثة وعشرون عامًا، وجدت نفسي أسير هذه البلدة الهادئة، الصغيرة بحجمها، الكبيرة بدفئها. لا أدري، أهو هدوؤها أم سكونها، أم تلك البراءة المنعكسة في وجوه أهلها، ما أسر قلبي وجعلني أذوب عشقًا بين أزقتها وحقولها وأحضانها الدافئة؟
كبرت بين بني عمير، وأنا أرى في أهلها الحياء والحشمة والاحترام، صفات تجلّت في الصغير قبل الكبير، وغرست في نفسي حبًا لا ينتهي، ووفاءً لا يذبل. وجدت فيهم الأصدقاء الصادقين، أولئك الذين بقوا معي، رغم مرور السنين، ورغم أن علاقتي بهم ما زالت وليدة، إلا أنها تحمل نكهة الوفاء.
وها أنا اليوم، على أعتاب السبعين، أجد نفسي أكثر هيامًا بهذه البلدة، أكثر وفاءً لذاكرتها، وأكثر امتنانًا لما منحتني من أيام وسنين. قضيت عمري بين جدران المدارس الابتدائية، أتنفس عبق الطفولة المبكرة، أغوص في عوالم البراءة، والجدية، والمحاكاة.
كم أحببت تلك الأيام، وأنا أرافق البنات والأولاد، و الشابات و الشباب، أراهم يكبرون بين قاعات الكاراتيه واللايكيدو، وفي دور الشباب، حيث كنت مندوبًا للكشفية الأطلسية لثماني سنوات، أزرع فيهم حب المسرح المدرسي ومسرح الأطفال والمسرح الهاوي. وكان لي شرف أن أحمل لقب بطل وطني سنة 1999، حين صار المسرح يُسمى مسرح الشباب، وأحصد الجوائز والبطولات، وأكوّن عشرات من أساتذة التعليم الإبتدائي – المسرح المدرسي – في الفقيه بن صالح وبني ملال والقصيبة وزاوية الشيخ وأزيلال والجديدة.
لم يكن المسرح وحده عالمي، فقد كنتُ عاشقًا لـ الإسعافات الأولية، تلقيتُ تدريباتي في الهلال الأحمر ببني ملال، ومارست كرة القدم لسنوات، وأسست 13 فريقًا في الدرجة الرابعة بالفقيه بن صالح، وكنت وراء تأسيس مدرسة التحكيم بمدرسة ابن رشد سنة 1996، حين كنت رئيسًا لجمعية جسور.
ولم يتوقف عطائي عند الرياضة والمسرح، بل امتد إلى التعليم الأولي، حين أسست أقسامه سنة 1999 بـ مدرسة الفقيه بن صالح الغربية، حين كنت رئيسا لجمعية التويزة للتربية و التنشئة الإجتماعية، وكنتُ فخورًا بمساهمتي في محو أمية النساء والرجال، لعشر سنوات في أولاد يحيى، سيدي شنان، الكلخة، الحرشة، الحراش، والتغناري.
انضممت إلى جمعية القنص، وعشت مع رجالها أيامًا لا تنسى، فيها الودّ والإخلاص، بين البراري والسهول، أتذوق متعة القنص، وأشاركهم لحظات لا تُقدر بثمن.
أنا ابن المحيط الأطلسي، الجديدة وآزمور، لكنني وجدت في بني عمير ميزانًا أرقى وأصفى، ربما لأنني عشت بينهم زمنًا طويلاً، أو لأن أصدقائي هنا أخلص وأوفى، أو ربما لأن التعاون والتآخي في دمهم، ولأن الصداقة عندهم مقدسة.
كنت وما زلت أؤمن أن الاحترام للصغير قبل الكبير، وأن العلاقات لا تعرف الطبقات، لكن القلب له إحساسه، والشعور غريزة لا تُقهر.
وهكذا، عشتُ عمري أزرع المحبة، وأجني الوفاء، في بلدة صغيرة، لكنها عظيمة بقلوب أهلها. وستبقى بني عمير، رغم كل شيء، نبض قلبي، وملاذ روحي، وأجمل محطات حياتي.

رابط مختصر
اترك تعليق

يجب ان تسجل الدخول لكي تتمكن من إضافة التعليقات

الاخبار العاجلة