تطهير ناعم للعمر المتبقي
بقلم: حسن فقير
في خضمّ العلاقات الإنسانية، لا يأتي كل من يدخل حياتنا ليبقى، ولا كل من يخرج منها يستحق أن ننتحب عليه. فثمة أشخاص، لا يغادرون فقط مقاعدهم في مسرح أيامنا، بل يغادرون وهم يُزيحون معهم الكثير من الغبار، وكأنهم عملية تطهير صامتة لما تبقّى من عمرنا.
خروج بعض الأشخاص من حياتنا ليس نهاية، بل بداية… بداية لنقاء داخلي، لصفاء عاطفي، لسلام نفسي كنا نفتقده. هؤلاء الذين أرهقونا بقلقهم، بطاقتهم السلبية، بظلالهم الثقيلة، لم يكن وجودهم إلا عبئاً مموهاً باسم العِشرة أو المجاملة أو الخوف من الوحدة. لكن الحقيقة التي كثيراً ما نتجاهلها هي أن بعض العلاقات لا تُبنى لتستمر، بل لتُعلّمنا وتتركنا أنضج.
الخروج ليس دوماً خسارة. أحياناً، يكون المكسب الحقيقي هو المساحة التي يخلفها الراحلون وراءهم… مساحة يمكن أن نملأها بالراحة، بالتقدير للذات، وبمن يستحق فعلاً البقاء.
فلا تحزن إن غادرك أحدهم، ولا تتردد في أن تترك الباب موارباً لمن قرر أن يختار الرحيل، فالذين يحبونك حقاً… لا يرحلون. أما الذين خرجوا، فقد يكونون مجرد فاصل زمني في كتاب العمر، دوره أن يهيئك لفصل أجمل، أنقى، وأصدق.
تذكّر: بعض الخروج… هو نِعمة، وإن بدا في لحظته وجعاً. هو تطهير ناعم للعمر المتبقي، فامنحه احترامك، وواصل السير.
