حميد المهداوي… حينما تتحول المآسي إلى محتوى رخيص
NaBae24//FQA
في كل مرة تعيش فيها البلاد لحظة حزن أو مأساة وطنية، لا يتأخر البعض في اقتناص الفرصة لتحويل الألم الجماعي إلى مادة إعلامية مثيرة للجدل، وكأن قدسية الموت لم تعد تعني شيئاً. من بين هؤلاء، يطل حميد المهداوي، الصحفي السابق واليوتيوبر الحالي، في مشاهد تُصنع بعناية، حيث يُقدَّم نفسه كصوت “الحرية” و”الجرأة”، بينما الحقيقة تقول شيئاً آخر تماماً.
قضية استغلال وفاة المرحوم عبد الله باها، أحد رموز الحكمة والتوازن في المشهد السياسي المغربي، ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة في سجل هذا النوع من المحتوى. حيث يتم استحضار الفقيد، لا بهدف التأمل في مساره أو استخلاص العبر، بل من أجل صناعة لحظة درامية تُخاطب العاطفة الجماعية، وتُستثمر لجلب المشاهدات والتفاعل.
ما يقوم به المهداوي ليس دفاعاً عن حرية التعبير، بل هو ارتداء لقناع البطولة في معركة وهمية، يُراد من خلالها تلميع الذات على حساب الرموز والمواقف. والأسوأ من ذلك، هو محاولته تصفية حساباته الشخصية والسياسية باستعمال الموت كوسيلة، وهو أمر يتنافى مع أبسط قواعد الأخلاق والمروءة.
في الحقيقة، لا فرق كبير بينه وبين بعض “المؤثرين” من صنف جيراندو، الذين اتخذوا من كل حدث وطني فرصة للظهور السطحي، دون فهم، دون عمق، ودون أدنى إحساس بالمسؤولية. كل ما يهم هو تحقيق أكبر عدد من النقرات، حتى ولو تطلب الأمر القفز على جراح الوطن.
المغرب لا يحتاج لأبطال مزيفين يصرخون من خلف الشاشات، بل يحتاج إلى ضمائر حية، تُفرّق بين التعبير الحر والمتاجرة، بين الموقف والمزايدة، بين الوطنية الحقة والركوب الانتهازي.
