حميد المهداوي… حين تتقاطع الأكاذيب مع “المكيافيلية” ويتحوّل التناقض إلى مشروع هدام

حميد المهداوي… حين تتقاطع الأكاذيب مع “المكيافيلية” ويتحوّل التناقض إلى مشروع هدام
nabae 2421 ديسمبر 2025آخر تحديث : منذ يوم واحد

حميد المهداوي… حين تتقاطع الأكاذيب مع “المكيافيلية” ويتحوّل التناقض إلى مشروع هدام
NaBae24
يواصل حميد المهداوي في خرجاته الأخيرة تقديم نفسه كما يشتهي، لا كما يعرفه المغاربة. يبيع صورة “الابن البارّ” الذي تربّى – كما يدّعي – في وسط عائلة محافظة، بفضل والد معلّم وإمام مسجد. صورة تبدو للوهلة الأولى مصقولة بعناية، لكنها تتهاوى بسرعة أمام اعترافات سابقة له، قال فيها بوضوح إنه نشأ في كنف فكر يساري ثوري تبنّاه أحد إخوته، وأنه “أكل وشرب” منه خلال شبابه ودراسته الجامعية. فأي النسختين نصدق؟ نسخة الابن المحافظ؟ أم نسخة “الرفيق” الذي تشرّب خطاب اليسار الراديكالي؟
الحقيقة أن المهداوي لا يعيش فقط تناقضًا في حكاية نشأته، بل يمثل تركيبة متعددة الأبعاد من “شرور” ما أفرزته بعض الإيديولوجيات المتطرفة حين تجتمع في ذهن واحد. فمن مدرسة اليسار الثوري، اقتبس حنقه على الدولة والسلطة ومفهوم “الثورة الدائمة”، ومن فلسفة ميكيافيل أخذ تلك الجرأة على اعتماد كل الوسائل، مهما كانت دنيئة، للوصول إلى الغاية التي يراها “نبيلة”. ثم جاء طور الفكر الإسلامي المنحرف الذي يتغذى على التقية والمراوغة والمهادنة، ويعتبرها أدوات مشروعة في طريق “إسقاط النظام”.
هذا الخليط الإيديولوجي المتنافر، حين يُدمج في شخص واحد، لا يمكن أن ينتج سوى خطاب فوضوي متشنج، يرى الخيانة بطولة، والتضليل شطارة، والإساءة للوطن انتقامًا مقدسًا. لذلك لم يكن غريبًا أن يلجأ المهداوي اليوم إلى لعب دور الضحية، وإلى تلفيق حكايات شخصية متناقضة علّه يكسب عطف المتعاطفين السذّج، ويبرر بها حربه المفتوحة على مؤسسات بلده.
إن خطورة المهداوي ليست في شعاراته الصاخبة، ولا في مسرحياته البكائية، بل في كونه يروّج لنموذج جديد من “النضال الملوث”، حيث يمتزج التطرف اليساري بالمكيافيلية الرخيصة، وتُغطّى النوايا السوداء بعمامة التدين الزائف. نموذج هدفه الوحيد خلق شرخ في المجتمع، وهزّ الثقة في الدولة، واستثمار كل تناقض لإذكاء الفوضى.
المهداوي اليوم ليس صوتًا حرًا ولا ناقدًا مستقلاً، بل مشروع تخريبي صغير، بملامح كبيرة، يتغذى على الأكاذيب ويقتات من افتعال البطولات، وسط جمهور يتلقف الإثارة أكثر مما يبحث عن الحقيقة.
وفي النهاية، يبقى سؤال واحد معلّقًا:
إذا كان الرجل نفسه عاجزًا عن تقديم رواية واحدة ثابتة عن أصله ومساره، فكيف يُنتظر منه أن يقدّم للمغاربة حقيقة عن وطن بأكمله؟
عمود أسبوعي يوقعه الكاتب الصحفي ذ. حسن فقير

رابط مختصر
اترك تعليق

يجب ان تسجل الدخول لكي تتمكن من إضافة التعليقات

الاخبار العاجلة