“المهداوي… حين تكشف الكلمات ما تُخفيه النوايا”
NaBae24
لا أحد يُكثر من ترديد العبارات المنمقة والمشحونة بالعاطفة المجانية أكثر من حميد المهداوي. “خوتي لمغاربة”، “المؤسسة الملكية على راسي وعينيا”، “وأنا ملكي حتى النخاع”، “سي عبد النبوي المحترم”، “سي البلوي الفاضل”، “سي حرمو مكنسمع عليه غير الخير”… لائحة طويلة من المتلازمات التي يُشنّف بها الرجل آذان متابعيه كل ليلة، حتى يخال للسامع أنه أمام رجل وطني خالص، منصف حد الوريد، ومُحب لوطنه ومؤسساته دون قيد أو شرط.
لكن الحقيقة – كما هي دائمًا – تسكن بين ثنايا النبرة، وتتسلل عبر ما بين الجُمل، وتطل من ثقوب المديح المبالغ فيه. فهذه “اللطافة اللفظية” ليست إلا غطاءً كثيفًا يُخفي نية واحدة وواضحة: شق صفوف المؤسسات، وإحداث شرخ بين المواطنين والملكية، ومحاولة اختراق الوعي الجماعي للمغاربة عبر سياسة التلاعب اللفظي و“بيع الكلام”.
المهداوي لا يكتفي بجلباب “النصيحة” و“الاحترام”، بل يلبسه ليدس تحته ما هو أخطر: الإيحاء بأن المؤسسة الملكية تحتاج وسطاء، وأن المؤسسات “على خطأ” تحتاج لإرشاده، وأن الدين نفسه يحتاج إلى “تنبيهاته”. وكل من يتتبع خطابه يدرك أن هذه النصائح ليست إلا محاولة مقنّعة لانتزاع الشرعية الشعبية من تحت أقدام الدولة، وتحويل “الجماهير” إلى جمهور خاص به، يسمع منه ويُصدق روايته دون غيرها.
وحين يكرر هذا “اللا رجل” نصائح من قبيل احترام الملكية وتوقير المؤسسات، فذلك—وبكل بساطة—ليس حبًا ولا إيمانًا، بل خطوة مُحكمة في خطة أكبر: الظهور بوجه المصلح المعتدل، ثم الانقضاض بخطاب مزدوج، يشعل الفتن، ويكثر السؤال عن هذا وذاك، ثم ينسحب تاركًا وراءه شرارة التصديق الأعمى والتشكيك الخبيث.
أمّا من يريد معرفة “حميد الحقيقي” فليس عليه سوى مشاهدة الفيديو المرفق بهذا المقال؛ فيديو لا هو مسرَّب، ولا مُركَّب، ولا “مهرب” من جهة ما. إنه مجرد بوحه هو… كلامه هو… وصورته كما هي، يعترف فيها بلسانه كيف يرى نفسه “ثوريا بالفطرة” و“مكارا بالهضرة”؛ لا يحتاج الفيديو إلى “p’tit mot” ولا “gros mot”، بل يحتاج إلى “mot juste”: كلمة حق.
كلمة تكشف في أي وادٍ يهيم المهداوي، وفي أي جحيم أخلاقي اختار أن يقيم، بعيدًا عن معدن المغاربة وأخلاقهم ونبلهم.
عمود أسبوعي يوقعه الكاتب الصحفي ذ. حسن فقير





