صداقة بحجم الحياة… كيف أنقذني صديق من إدمان دام أكثر من ثلاثين سنة
Nabae24.com – حسن فقير
تغيب العلاقات الإنسانية الحقيقية، في زمن تتسارع فيه وتيرة الحياة، فتظل بعض الصداقات شاهدة على القيم الرفيعة التي لا يمحوها الزمن. ومن باب الاعتراف والامتنان، أكتب اليوم عن صديقٍ مُميّز كان له أثر بالغ في حياتي، ليس فقط بمواقفه النبيلة، بل بكونه السبب المباشر في تخلّصي من عادة سيئة لازمتني لأكثر من ثلاثين عاماً: آفة التدخين.
بدأت الحكاية بمدينة الفقيه بن صالح، خلال لقاءٍ مهني جمعني بهذا الصديق في إحدى المقاهي، حيث كنا نتبادل الحديث حول الصحافة المحلية ودورها في تعزيز التنمية المستدامة. وبينما أشعلت سيجارة بشكل اعتيادي، إذا به ينظر إليّ نظرة الأب لأبنائه، ويقول بصدق خالص:
“أنت رجل طيب، صحافي محترم، وهذه السيجارة لا تشبهك… ستتعبك، وستأخذك من ابنتك وأحفادك الذين ينتظرونك.”
كانت هذه الكلمات مختلفة تماماً عن كل النصائح التي تلقيتها سابقاً. لم تكن مجرد عبارات، بل كانت رسالة حياة خرجت من قلب صادق، فزرعت في داخلي لحظة وعي لم أكن أتوقعها.
مرت أيام قليلة والتقينا مجدداً. كرر نصيحته بذات الهدوء والحرص:
“ابتعد عن التدخين… صحتك أولى.”
وحين افترقنا في ذلك اليوم، أدركت أن الوقت قد حان لاتخاذ قرار نهائي.
عدتُ إلى بيتي في مدينة الجديدة، وقررت دون تردد أن أطوي صفحة التدخين إلى الأبد. ومنذ ذلك اليوم، مرّت خمس أو ست سنوات لم ألمس فيها سيجارة واحدة.
قرارٌ غيّر حياتي… وكانت شرارته الأولى من صديقٍ صادق، مخلص، وذو أخلاق عالية لا تُشترى ولا تُقدّر.
اليوم، أدوّن هذا الاعتراف عبر صحيفة Nabae24.com لأقول له:
شكراً لأنك كنت سبباً في إنقاذي من عادة قاتلة، وشكراً لأن صداقتك كانت صداقة حقيقية… صداقة بحجم الحياة.
أدعو الله أن يحفظه في صحته، وأن يبارك في أبنائه الذين يشبهونه في حسن السلوك ورفعة الأخلاق، وأن يديمه نوراً في درب كل من عرفه.
عمود أسبوعي يوقعه الكاتب الصحفي ذ. حسن فقير





