حين يعمي الحقد صاحبه

حين يعمي الحقد صاحبه
hassan faqir3 سبتمبر 2025آخر تحديث : منذ 4 أيام

حين يعمي الحقد صاحبه

✍️ حسن فقير

من شدة حقدك تراني عدوك، ومن شدة حكمتي أنا لا أراك أصلاً. بين هاتين الجملتين يكمن الفرق الجوهري بين من أسرتهم مشاعرهم السلبية وبين من تحرروا منها وارتقوا فوقها.
الحقد لا يُنتج إلا الوهم، إذ يحوّل صاحبه إلى سجينٍ في زنزانة داخلية لا جدران لها سوى الكراهية والضغينة. يرى خصوماً حتى في وجوه لا تعنيه، ويختلق أعداءً حتى من أشخاص لا يفكرون فيه أصلاً. إنه مرض يُعمي البصيرة قبل أن يُتعب الجسد.
أما الحكيم، فهو ذاك الذي يملك من السكينة ما يجعله لا يردّ على النار بالنار، ولا على الحقد بالحقد. الحكمة هنا ليست ضعفاً ولا استسلاماً، بل هي وعيٌ عميق بأن الانشغال بأعداء وهميين إضاعة للطاقة والوقت. فالحياة أقصر من أن تُهدر في ملاحقة صغائر النفوس.
الحقد يستهلك صاحبه، بينما الحكمة تغذي صاحبها. لذلك، حين يحاول الحاقد أن يصنع من الآخر عدواً، فإن الحكيم يرفض حتى الاعتراف بوجود المعركة. فلا عدو إلا في مخيلة من يزرع البغضاء، ولا خسارة إلا حين نسمح لأنفسنا بالانجرار إلى مستوى من لا يليق.
إنها معادلة بسيطة: الحقد يراك، الحكمة لا تراه. وما بين الرؤية واللا رؤية، تتحدد قيمة الإنسان ومقامه.

رابط مختصر
اترك تعليق

يجب ان تسجل الدخول لكي تتمكن من إضافة التعليقات

الاخبار العاجلة