عندما تصمت المعدة ويتكلم العقل

عندما تصمت المعدة ويتكلم العقل
hassan faqir13 أغسطس 2025آخر تحديث : منذ 10 ساعات

عندما تصمت المعدة ويتكلم العقل

بقلم: حسن فقير

يقال إن المعدة أذكى من المخ؛ فهي تملك آلية فطرية للرفض، فإذا دخلها ما يضرّها أو يثير اشمئزازها، بادرت فورًا إلى التقيؤ، لتطرد السموم بلا تردد، وكأنها تعلن ثورة صغيرة ضد أي اعتداء على سلامتها.
أما المخ، ويا للأسف، فيبدو في أحيان كثيرة كأنه أضعف من أن يرفض. يتلقى يوميًا سيولًا من القاذورات المعنوية: أكاذيب تُلمَّع حتى تبدو حقائق، إشاعات تُصبغ بلون الحقيقة، عبارات مسمومة مغلّفة بابتسامات مزيفة… ومع ذلك، يبتلعها في صمت، يخزنها في أرشيف الذاكرة، ويتركها تؤثر في طريقة تفكيرنا ورؤيتنا للحياة.
المشكلة ليست في أن المخ عاجز عن التقيؤ، بل في أننا لا نستخدم “عقلنا الواعي” كصمام أمان لتصفية ما يدخل إليه. نحن نسمح للكلمات الجارحة أن تستقر، وللصور المسيئة أن تتجذر، وللأفكار المسمومة أن تجد لها مقعدًا دائمًا. والنتيجة؟ عقل مثقل بالسموم، لا يقوى على التفكير الصافي، وقلب مثخن بالجروح الخفية.
ربما لو امتلكنا شجاعة المعدة في رفض ما يسيء إلينا منذ اللحظة الأولى، لوفّرنا على أنفسنا عناء تنظيف عقولنا من النفايات التي نخزنها طوعًا. فالتقيؤ العقلي ليس فعلًا بيولوجيًا، بل مهارة نفسية تحتاج إلى وعي وإرادة، لنبصق ما لا يليق بنا قبل أن يستقر فينا  المخ ليته يتعلم من المعدة أن الكرامة الفكرية لا تقل أهمية عن السلامة الجسدية، وأن رفض القاذورات شجاعة، سواء كانت تُقدم لنا على طبق طعام أو على طبق كلمات.

رابط مختصر
اترك تعليق

يجب ان تسجل الدخول لكي تتمكن من إضافة التعليقات

الاخبار العاجلة