صراع الأقنعة في الحياة السياسية الوطنية
نبأ24 // حسن فقير
تشهد الساحة الوطنية في الآونة الأخيرة صراعاً خفياً لكنه شرس، صراعاً بين منتحلي الصفة الذين تسللوا عبر الفضاء الأزرق بأقنعة براقة: صحافيون مزيفون، خبراء وهميون، مؤرخون ومفكرون مفترضون، بل وحتى باحثون في المجال الديني لا يملكون من العلم إلا ما يتيح لهم منصات التواصل من ضجيج وادعاء. هؤلاء، وإن اختلفت مشاربهم وانتماءاتهم، يجمعهم خيط واحد: انتحال صفة لا يمتلكونها، واستغلالها في حملات منظمة تستهدف أسس الدولة المغربية ورموزها الاستراتيجية.
في مقابل ذلك، نجد الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات ومنابر الصحافة والإعلام، التي من المفترض أن تكون الفضاء الطبيعي للنقد والمساءلة، واقفة في موقع متردد لا يرقى إلى مستوى التحديات. صحيح أن الدستور المغربي يضمن حق المعارضة وحرية التعبير، لكنه في الوقت نفسه يضع المسؤولية الوطنية كميزان لا بد من احترامه، حتى لا تتحول الممارسة الديمقراطية إلى فوضى مفتوحة على كل الاحتمالات.
إن مساءلة السياسات العمومية ضرورة لا غنى عنها، لكن شرطها الحجة والدليل، ومرجعها المؤسسات الشرعية التي تمتلك الخبرة والكفاءة. أما الحملة الممنهجة التي يشنها منتحلو الصفة، فهي تتجاوز حدود النقد السياسي لتتحول إلى مشروع عدمي يضرب في العمق الاستقرار والأمن الوطني، مستهدفة المؤسسة الملكية وأجهزة الدولة والهوية الجامعة للمغاربة.
اليوم، لم يعد الصمت خياراً، ولا التردد موقفاً مقبولاً. فالحياة السياسية الوطنية مطالبة بأن تستعيد زمام المبادرة، وأن تُوفر للمواطنين خطاباً مقنعاً، صادقاً ومسؤولاً، يقوي الثقة في المؤسسات ويحصن الوطن من صراع الأقنعة.
