صمتُ الأخيار… جريمةٌ بصيغة أخرى
بقلم: حسن فقير – كاتب صحفي وفاعل جمعوي
www.Nabae24.com
يقول أينشتاين: “العالم مكانٌ خطرٌ جداً للعيش فيه، ليس بسبب الأشرار، بل بسبب أولئك الذين لا يفعلون شيئاً تجاه الشر.”، ولعلّ هذه الكلمات تختزل مأساة إنسانية تتكرر في كل زمان ومكان: شرور تتعاظم، وأصوات للحق تُفضل الصمت.
في واقعنا اليوم، لم يعد الخطر الأكبر كامناً فقط في الأفعال القبيحة التي يرتكبها الظالمون، بل في الصمت المخزي الذي يغلف مواقف من يمتلكون القدرة على الاعتراض أو الإنكار أو حتى التلميح بالرفض. إنهم أولئك الذين يرون الباطل ولا يقولون شيئاً، يسمعون الاستغاثات فلا يُلبّون، يقرأون عن المآسي ويقلبون الصفحة كأنها لا تعنيهم.
قد يتذرع البعض بالخوف أو عدم الاختصاص أو حتى بـ”الحياد”، لكن الحقيقة الصادمة أن هذا “الحياد” هو خذلانٌ مستتر، ومساهمة مباشرة – وإن كانت غير معلنة – في إطالة عمر الظلم، وتوسيع رقعة الفساد.
الصمت عن الفساد ليس فضيلة، والتغاضي عن انتهاك الحقوق ليس حكمة، والسكوت عن الظلم لا يعني السلام، بل هو عجزٌ أخلاقي، ورضا ضمني، إن لم يكن تواطؤاً.
العالم لن يتغير ما لم يقرر الأخيار أن يكونوا أكثر جرأة، أكثر حضوراً، أكثر صخباً في وجه الباطل. فالقيم لا تحمي نفسها، والعدالة لا تتحقق بالصمت، والكرامة لا تُصان باللامبالاة.
في زمن الضجيج، قد يكون صوت واحد للحق كفيلاً بإحداث رجّة. فلنتحدث… قبل أن يصير الصمت لغة الأحياء في مقابر الضمير.
