عَدِّدْ نِعَمَكَ ولا تُعَدِّدْ هُمومَك
بقلم: حسن فقير – Nabae24.com
يزداد صخب الشكاوى وتضخُّم الهموم في أحاديث الناس في زمننا هذا، إذ بات من الضروري أن نعيد ترتيب أولوياتنا النفسية، وأن نسترجع ذاك البصر القلبي الذي يرى النِّعَم قبل أن يتوه في تفاصيل النقص. فقانون الحياة البسيط يقول: ما تُركّز عليه يكبر في حياتك. فإن انشغلت بعدّ همومك، تمددت، وخنقت فيك بهجة العيش. وإن انشغلت بعدّ نِعَمك، ازدهرت، وتفتحت فيك براعم الشكر والرضا.
من منا لا يحمل في قلبه شيئاً من القلق؟ من منا لا يئنّ تحت وطأة همٍّ أو حزنٍ أو خذلان؟ كلنا نحمل أثقالاً، لكن الفارق الجوهري يكمن في طريقة حملها. هناك من يُكثر الحديث عن الجراح، فيغدو أسيراً لها، وهناك من يُكثر التأمل في العطايا، فيغدو حراً، ممتناً، متصالحاً مع الحياة.
عدّ نِعَمك، ولو كانت صغيرة. استيقاظك هذا الصباح… نِعمة. عائلتك، صحتك، حاستك السادسة التي تقودك للخير، قلبك الذي لا يزال ينبض بحب الآخرين رغم خيباتهم… كلها نِعَم، لكنها تحتاج إلى عين ترى، وقلب يحسّ، وضمير يُقدّر.
كم من شخص تمنى ما لديك؟ وكم من نِعمة اعتدت عليها حتى غابت عن عدّك؟ الهاتف الذي في يدك، القدرة على القراءة، سقفٌ فوق رأسك، كوب ماء بارد، دعوة أمّ، دعوة أب، كلمة طيبة من صديق، كلها مظاهر رحمة لا تقدر بثمن. فهلاّ أعددتها بدل أن تُعدّد ما فقدت؟
في نهاية المطاف، الحياة ليست بما نملك أو نفقد، بل بكيفية نظرنا إلى ما نملك. فكن ممن يُحصون النِّعَم لا الغموم، فالشكر طريق اليقين، واليقين طريق الطمأنينة.
وتذكّر دائماً: من عدّ نِعَمَه، هدأ قلبه، ومن عدّ همومه، غرق فيها.
