نسيانٌ بحجم الكرامة
بقلم: حسن فقير
في عالم يتغذى أحيانًا على الصراخ والردود والانتصارات الزائفة، يبقى النسيان أرقى أشكال الرد، وأعظم أدوات القوة. ليس النسيان ضعفًا، كما يتوهم من يتقنون الإيذاء، بل هو قرار الناضجين، وثمرة الكرامة حين تنضج في قلب أرهقه الصبر، وأشبعته التجارب.
إذا تمادى عليك أحدهم، وأمعن في الإهانة أو الاستفزاز، فلا ترد عليه بالمثل، ولا تنزل إلى مستواه. فقط امنحه نسيانًا يشبه الغياب الأبدي. نسيانًا لا يحمل حقدًا، بل يحمل عزّة. نسيانًا لا ينتظر اعتذارًا، لأنه ببساطة لا يرى وجودًا يستحق الالتفات.
من يخطئ في حقك مرة قد يكون ساهيًا، ومن يكررها متعمدًا هو مستهزئ بوجودك. وهنا لا ينفع الجدال، ولا يصلح العتاب. بل يكون الحل في شطب الاسم من الذاكرة، وكأن العلاقة لم تكن، وكأن الحكاية حُذفت من السطر الأول.
في النسيان شفاء، وفي تجاهل من لا يستحق بقاءك درس له، وحماية لقلبك. لا تجعل من نفسك مرآة تعكس قبح الآخرين، ولا تسمح لهم أن يتركوا ندبة في داخلك. انسحب بصمت، وابتسم بثقة، ثم امضِ في طريقك. فالنسيان في بعض المواقف… بطولة.
