لماذا ترتفع حصيلة الخسائر في فيضانات إقليم آسفي؟
NaBae24
كلما هطلت أمطار غزيرة على إقليم آسفي، إلا وتحوّلت نعمة الغيث إلى فاجعة، تتصدر عناوينها الخسائر البشرية والمادية. والسؤال المؤلم الذي يتكرر بعد كل فيضان: لماذا ترتفع الحصيلة بهذا الشكل؟ وهل الكارثة قدر محتوم أم نتيجة اختلالات يمكن تداركها؟
أول الأسباب يكمن في هشاشة البنية التحتية. فعدد من الطرق والقناطر وشبكات التطهير صُمّم أو أُنجز دون مراعاة كافية لخصوصيات المجال الطبيعي ومسارات الأودية. ومع أول اختبار حقيقي، تنهار هذه المنشآت أو تتحول إلى مصائد خطر، تقطع السبل وتعرض الأرواح للخطر.
السبب الثاني يرتبط بـالتوسع العمراني غير المنظم. فقد زُحفت الأحياء السكنية، أحيانًا بتغاضٍ واضح، نحو مجاري الأودية والمناطق المنخفضة. مساكن هشة أُقيمت في أماكن لا ترحم عند الفيضان، فكانت النتيجة خسائر جسيمة في الممتلكات، وأحيانًا في الأرواح.
ولا يمكن إغفال ضعف الاستباق والوقاية. فثقافة التدخل بعد الكارثة ما تزال تطغى على منطق الوقاية قبل وقوعها. الإنذارات المبكرة إما غائبة أو غير مفعّلة بالشكل الكافي، وخطط الإجلاء والتوعية تبقى حبرًا على ورق في كثير من الحالات.
كما تتحمل الاختلالات البيئية جزءًا من المسؤولية؛ من إزالة الغطاء النباتي، إلى رمي النفايات في مجاري المياه، ما يساهم في انسداد القنوات وتسريع جريان السيول بشكل مدمر. هنا لا تقتصر المسؤولية على الجهات الوصية فقط، بل تشمل سلوكيات جماعية تحتاج إلى تصحيح.
أما العامل الأخير، فهو تشتت المسؤوليات وضعف المحاسبة. فبعد انقضاء الفيضانات، تُلتقط الصور، وتُطلق الوعود، ثم يطوي النسيان الملف إلى أن تتكرر المأساة. دون تقييم جدي، ومحاسبة واضحة، وإجراءات عملية، سيظل المواطن هو الحلقة الأضعف.
إن ارتفاع حصيلة الخسائر في فيضانات إقليم آسفي ليس قضاءً لا يُرد، بل نتيجة تراكمات من الإهمال، وسوء التخطيط، وضعف الحكامة. والحد من هذه الخسائر يبدأ بإرادة حقيقية تجعل من الوقاية أولوية، ومن حياة الإنسان خطًا أحمر لا يُساوَم عليه.
عمود أسبوعي يوقعه الكاتب الصحفي ذ. حسن فقير






