حين يتحوّل الجهد إلى سلاح ضد صاحبه

حين يتحوّل الجهد إلى سلاح ضد صاحبه
nabae 2412 ديسمبر 2025آخر تحديث : منذ 21 ساعة

حين يتحوّل الجهد إلى سلاح ضد صاحبه
NaBae24
بات بعض الناس يسخّرون جهدهم ــ بكل ما أوتوا من طاقة و تركيز ــ في تشويه سمعة مدينتهم، أو وطنهم، أو غيرهم من أبناء جلدتهم. جهدٌ لو استُعمل في البناء لصنع نهضة، ولو وُجِّه نحو الإصلاح لفتح أبوابًا من الخير، لكنه بدل ذلك يتحوّل إلى معولٍ يضرب صاحبه قبل أن يمسّ غيره.
إن الإنسان الذي يحمل في داخله حقدًا أو حسدًا أو غيرةً عمياء، يرى العالم من خلال مرآة مشروخة. كل شيء في عينيه ناقص، وكل إنجاز مشكوك فيه، وكل نجاح يستفز جراحه الداخلية. لذلك لا يتوانى في إطلاق الشائعات، ونفث سموم الكلام، والانتشاء بمظاهر السقوط والإخفاق. كأنما التشويه يملأ فراغًا داخليًا يعجز عن مواجهته.
لكن الحقيقة البسيطة التي يغفل عنها هؤلاء هي أن الجهد الذي يصرفونه في الإساءة لو وجّهوه إلى تنظيف ذواتهم من هذه السموم النفسية، لتغيّرت نظرتهم للعالم، ولأصبحوا جزءًا من الحل لا جزءًا من المشكلة. فالمدينة التي يشوّهونها هي موطنهم، والناس الذين يسفعون وجوههم بالكلام الجارح هم إخوتهم، والوطن الذي يطعنونه هو السند الذي يأويهم.
إن النقد البنّاء حق، والغيرة على المصلحة العامة فضيلة، لكن الهدم من أجل الهدم مرضٌ لا ينتج إلا خرابًا. والأدهى من ذلك أن أول المتضررين من هذا المرض هو صاحبه، إذ يعيش حياةً تمتلئ بالتوجس والعداوات وسوء الظن.
ما يحتاجه مجتمعنا اليوم ليس مزيدًا من الأبواق التي تبحث عن الزلات، بل مزيدًا من الأصوات التي تُصلح وتُرمّم وتُضيء الطريق. وما يحتاجه كل فردٍ فينا هو لحظة صدق مع النفس: هل نحن نسهم في رفع شأن مدينتنا ووطننا؟ أم أننا ــ بلا وعي ــ نشارك في إذكاء نار التشويه؟
قبل أن نتحدث عن الآخرين، فلننظّف دواخلنا من الحقد والحسد والغيرة والظلم والنميمة. فالنقاء يبدأ من الداخل، والبناء الحقيقي يبدأ من القلب.
عمود أسبوعي يوقعه الكاتب الصحفي ذ. حسن فقير

رابط مختصر
اترك تعليق

يجب ان تسجل الدخول لكي تتمكن من إضافة التعليقات

الاخبار العاجلة