الإيمان لا يُلغِي السياسة… والمصلحة الوطنية ليست خيانة
بقلم: فقيــر حســن
— مقال يضع الأمور في نصابها بين منطق الإيمان الحق ومنطق السياسة الواقعية، دفاعاً عن الوطن وعقله الجماعي.
يختلط الإيمان بالشعارات، و تُقاس الوطنية بزاوية الولاء والموقف في زمننا هذا، يصبح من الضروري التذكير بأن الدين لم يكن يومًا ضد الحكمة، ولا ضد المصلحة الوطنية.
فالإيمان الحق لا يعني الانعزال عن الواقع، ولا التوقف عن التفكير في مصالح الأمة والدولة، بل هو انخراطٌ واعٍ في معركة الوجود، بميزان العقل والضمير معًا.
حين يذكّرنا التاريخ بأن المغرب واجه في السبعينات والثمانينات عدوانًا متعدد الأوجه من أنظمة عربية وإيديولوجيات يسارية حاولت تمزيق وحدته الترابية، فإنه لا يتحدث عن عقيدة، بل عن مواقف سياسية كانت ولا تزال تُدار بمنطق المصالح لا بمنطق الإيمان.
لقد صمد المغرب لأنه لم يخلط بين الدين والسياسة، ولأنه أدرك أن التوازن بين الثابت الديني والمصلحة الوطنية هو سر بقائه واستقراره.
من السذاجة أن نحاكم اختيارات الدول بمنطق الوعظ أو النصوص المجتزأة، لأن القرآن الكريم نفسه علّمنا أن الحكمة هي ضالة المؤمن، وأن تدبير شؤون الأمة لا يكون بالعاطفة، بل بالبصيرة.
فالمغرب، وهو يمدّ يده اليوم في علاقاته الدولية، لا يتنكر لدينه ولا يفرّط في قضيته، بل يختار طريق الواقعية الذكية التي تحمي مصالحه العليا.
إن المزايدة على وطنٍ قدّم آلاف الشهداء في سبيل وحدته، ليست من الإيمان في شيء، بل هي جهلٌ بالتاريخ وإساءةٌ للوطن.
فالإيمان الحق ليس صراخًا ولا شعارات، بل فهمٌ عميق للواقع، وإخلاصٌ للعمل، وصدقٌ في الدفاع عن الأرض والكرامة.
وليعلم من يزايد أو يحقد، أن المغرب لا يحتاج دروسًا في الإيمان، لأن جذوره مغروسة في أرضٍ سقَتها دماء الأولياء والمجاهدين منذ قرون، وأنه ماضٍ في طريقه بثقة، مؤمنًا بعدالة قضيته، متمسكًا بثوابته… ولاعزاء للحاقدين.





