هاهو المعقول من عند أولاد الفقيه بن صالح
NaBae24
يبرز قرار شباب الفقيه بنصالح بالانسحاب من حركة ملغومة ومشوشة كصوت رشيد في بحر من الضجيج. قالوا “سلمية” فابتُدع لها مبررات، لكن عندما تحولت الشعارات إلى تخريبٍ ومشاكلٍ، كان الرأيُ الحكيم هو الانتصار للعقل قبل العاطفة. هذا الانسحاب ليس تراجعا عن المطالبة بالحقوق، بل هو انتصار لمنطقٍ يفضّل حفظ الحرائق على إضافة وقودٍ إليها.
تحية تقدير لشباب الفقيه بنصالح الذين اختاروا طريق الوعي بدلاً من الفوضى. في زمنٍ تعددت فيه الأصوات وسعت جهات مجهولة لاستغلال الغضب لتحقيق أهداف لا علاقة لها بالمصلحة العامة، كان قرار هؤلاء الشباب بمثابة درع يصدُّ محاولات التفريغ والتجييش. ثمة شجاعة في أن تقول «لا» حين يفرض عليك الآخرون «نعم» مدفوعة بعواطفٍ متوهجة قد تقود إلى خراب يعمّ الجميع، لا يصيب إلا أحلام الفقراء والمجتمع.
نحن أبناء القصيبة وقصبة تادلة نقف معكم في هذا الانسحاب الحكيم. ليس لأننا نرفض المطالب الاجتماعية المشروعة — بل لأننا ندرك أن السبيل الوحيد لتحقيقها هو العقل والمنهجية والالتزام بالسلمية. أي هدفٍ نبنيه على أنقاض ممتلكات الناس أو في ظلِّ فوضى الشارع، هو هدفٌ هش وسريع الانكسار. ومن يحترم وطنه لا يزجّ به في متاهات قد تفتح الباب أمام بلطجيةٍ وأعداءٍ للإنسان والوطن.
الأمن والأمان نعمة لا تُقدّر بثمن. نعم، الحرية والكرامة مطلبان مشروعان، لكنهما لا يتعارضان مع حفظ الأمن العام واحترام الممتلكات. عندما تتحول الاحتجاجات إلى تخريب، يتبدد معها التعاطف العام ويُعطى فضاء لمن يريد أن ينهب هذا السخط لخدمة أجنداته. الشعب المغربي ذكيّ وواعٍ؛ يعرف متى يكون في صفّ المطالب ومتى يصبح ضحية ليدٍ خفية تسير الأحداث من وراء ستار.
لكل من يملك القليل من العقل: لا تتبع تعليمات جهات مجهولة ولا تجعل غضبك وقودًا في مسرحية لا أعرف نهايتها. الفعل الوطني الحقيقي هو الذي يرفع مطالب الناس بقوة القانون وبأساليب مدروسة تحقق نتائج مستدامة. الشارع وسيلة، وليس غاية. والغايةُ تبرّر الوسائل طالما بقيت في إطار السلم والالتزام.
برافو لشباب الفقيه بنصالح — ليلكم هذا هو ليل العقل والمسؤولية. على من يحب وطنه أن يساند المطالب الاجتماعية المشروعة لا بالهتاف الفارغ ولكن بالحكمة والعمل المنظم، حتى يتحقق ما نبتغيه من عدالةٍ وكرامةٍ للجميع. لنحافظ على ما نحن عليه من أمانٍ واستقرار، فإنما بقاء الوطن مرتبط بوعي أبنائه وحسن تدبيرهم لمطالبهم.





