بوبكر الجامعي.. أسير الماضي و نصف الكأس الفارغ
NaBae24
من عادتي كل صباح أن أجلس في مقهى الحي، أرتشف قهوتي، أتبادل أطراف الحديث مع بعض الأصدقاء، وأتصفح هاتفي باحثًا بين الصفحات الرياضية والسياسية والاقتصادية عن جديد الأخبار، وأحيانا أتابع مقاطع ترفيهية أو أفلامًا قصيرة. وبينما أنا على هذه الحال، امتدت يدي إلى جريدة الصباح كانت موضوعة على كرسي مجاور، فاستوقفتني مقالة للزميل خالد العطاوي عن شخص لا يكف عن تشويه صورة وطنه: بوبكر الجامعي.
شعرت بالاشمئزاز وأنا أقرأ، إذ لم يترك هذا الرجل مناسبة إلا وحوّلها إلى منصة لبث الأكاذيب والافتراءات على وطنه الذي شرب من خيراته، وتربى على أرضه، وتعلم بين أبنائه. وفي كل إطلالة له، يصر الجامعي على أن يقدّم صورة سوداء عن المغرب، كأنه لم يَعِش معنا عقدين من الإصلاحات والتحولات العميقة التي نقلت البلاد إلى موقع جديد إقليميا ودوليا.
في لقاءاته المتكررة، لا نجد سوى تواريخ مرتبكة، أسماء مشوشة، وأرقام بلا أساس. قد يغفر له البعض ضعف التوثيق أو زلات الذاكرة، لكن لا يمكن أن يُبرَّر إصراره على الإقامة في ماضٍ تجاوزه المغرب بخطوات واثقة. بالنسبة له، المغرب ما يزال بلدًا متخلفًا، فقيرًا، وأميًا، بينما التقارير الدولية نفسها التي يستشهد بها أحيانًا، تشيد بالصناعة المغربية، بالاستثمارات الكبرى، وبانفتاح المملكة على الأسواق الإفريقية.
الأدهى أنه يهاجم صناعة السيارات التي جعلت المغرب يتصدر القارة، ويتعامل مع المؤشرات الاقتصادية كما لو كان طالبًا كسولًا في مادة الاقتصاد، تمر الأرقام أمامه دون أن يبذل جهدًا في قراءتها أو فهم دلالاتها.
المشكلة ليست في النقد ذاته، فالنقد مشروع بل ضروري، لكن الجامعي اختار أن يكون رهين رؤية أحادية، لا ترى إلا النصف الفارغ من الكأس. يرى الظلام ولا يرى النور، يضخم الأعطاب ويتجاهل الإصلاحات، يقيس الحاضر دائمًا بماضي تجاوزه المغرب منذ عقدين.
إن الوطن ليس تقارير انتقائية ولا فيديوهات على “يوتوب”، بل هو ملايين المغاربة الذين يكتبون يوميًا قصص نجاحهم بصبر وإصرار، ويتشبثون بالأمل رغم التحديات. وهو ملك وشعب يقودان مسيرة تنمية مستمرة بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله، نحو مغرب جديد لا يختزل في سردية مشوهة.
وبينما يصر بوبكر الجامعي على البقاء سجين صور قديمة، فإن المغرب يواصل طريقه إلى الأمام، متجددًا، صاعدًا، وراسخًا في مساره الذي لا مكان فيه لرؤى سوداوية متكلسة.
