بوغطاط المغربي | سليمان الريسوني يكشف عن نزعته الانقلابية ويبوح بأسرار مثيرة عن ولاء بنكيران الزائف للمؤسسة الملكية
نبأ24
في خرجته الأخيرة، لم يترك المدعو سليمان الريسوني، المدان سابقا في قضية اعتداء جنسي، أي حدود لم يتجاوزها، ولا أي مؤسسة من مؤسسات الدولة لم ينل منها، وعلى رأسها المؤسسة الملكية التي صبّ عليها جام حقده وعبّر بشكل صريح عن عداء دفين كان يُقنّعه لسنوات بشعارات النضال وحرية الصحافة.
الرياح التي حملت هذا الصوت المشروخ إلى الواجهة مجددا لم تكن رياح نقاش سياسي أو مراجعة فكرية، بل كانت إعصارا من الكراهية المعلنة ضد شخص الملك، وضد ما يعتبره “حُكْما مخزنيا”، في إسقاط مكشوف على رموز الدولة السيادية، وفي مقدمتها الأجهزة الأمنية والاستخباراتية التي جعل منها هدفا مباشرا لحملته.
فمن اتهام صريح للملك بتحمل مسؤولية ما سماه التدهور الشامل، إلى زعمه أن الأجهزة الأمنية تتجسس عليه وتزرع الميكروفونات في سيارته، مرورا باتهامات وهمية للمخابرات بتصويره داخل زنزانته، ووصولا إلى الحديث عن الدولة وكأنها تدير مؤامرات يومية لإسقاط الصحفيين، لا يمكن توصيف هذه التصريحات إلا كمحاولة جديدة لإعادة تدوير خطاب المظلومية، في حلة أكثر راديكالية وتطرفا.
إحدى الدوافع المحتملة وراء هذه الخرجة الإعلامية المفخخة، أن سليمان الريسوني قد يكون استشعر اقتراب صدور تحركات أو تقارير تدينه مجددا في ملفه السابق، خاصة بعد لجوء الضحية إلى اللجنة الأممية المعنية بالاعتقال التعسفي لتقديم تظلم وتصحيح تقرير سابق لم يتضمن رأيه. كما أن الريسوني تقدم مؤخرا بطلب لجوء يبدو أن مآله القانوني لا يسير في صالحه، ما دفعه إلى إطلاق هذه الحملة الاستباقية لتأليب الرأي العام الخارجي وتحصين صورته لدى جهات الضغط الحقوقي.
إنها محاولة خسيسة لتحويل المحكوم عليه في جريمة إلى بطل سياسي، وتحويل مؤسسة الملك إلى شماعة لكل ما فشل فيه هذا التيار من مشاريع واهمة.
لكن أخطر ما جاء في هذا السيل المسموم هو ما كشفه الريسوني من معطى في غاية الخطورة، حين صرّح بأن عبد الإله بنكيران أخبره ذات يوم أن حزب العدالة والتنمية، رغم ما يبدو عليه من قوة في المهرجانات الخطابية والتجمعات الشعبية، إلا أنه عندما يدخل القصر الملكي يشعر بأنه مجرد كيان صغير لا يُعتد به أمام قوة مؤسسات الدولة السيادية، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية وجهاز الأمن والمخابرات.
هذا التصريح الخطير لا يعكس فقط اعترافا ضمنيا من بنكيران بضعف تأثير حزبه داخل مراكز القرار، بل يفضح في العمق ازدواجية خطيرة في موقف هذا التيار الإسلامي… خطاب علني يقوم على الطاعة والولاء للملك، وخطاب باطني يقوم على تصور صراعي مع النظام، تحكمه فكرة أن اللحظة الشعبية قد تمنحهم ذات يوم فرصة لمجابهة رأس الدولة.
وبالتالي، فإن ما أورده الريسوني عن بنكيران يضعنا أمام عقلية لم تكن ترى في الملكية مرجعية ثابتة بل عقبة ظرفية، وهو ما يفسر كيف أن سليمان الريسوني نفسه تبنى هذا الخطاب الانقلابي حين شارك في اجتماعات تهدف إلى تحميل الملك المسؤولية عن الأوضاع الحقوقية والسياسية، بما يحول تلك التصريحات من مجرد تظلمات فردية إلى مواقف أيديولوجية عدائية تجاه ثوابت الدولة.
وهذا ما يزكي أن سليمان الريسوني، الذي ظل لعقود يقتات من دعم هذا التيار، لم يكن يوما صاحب مشروع إصلاح، بل حامل بذور عداء للملكية، وانخراطه في تجمعات مغلقة لتحميل الملك مسؤولية الوضع الحقوقي ليس إلا ترجمة لهذا التوجه الانقلابي غير المعلن.
وفي المقابل، يتقمص هذا الشخص دور الضحية البريئة، ناسيا أو متناسيا أنه أدين في قضية اعتداء جنسي بناء على شكاية من شاب، وبأدلة وخبرات فنية، لا علاقة لها لا بالمخابرات ولا بحموشي. لكنه، كعادته، يصر على التسويق لكون المثليين يُستخدمون كفخاخ لتصفية الصحافيين، في خطاب يجمع بين التمييز الجنسي ونظرية المؤامرة.
ختاما، سليمان الريسوني لا يهاجم فقط الأشخاص أو المؤسسات، بل يستهدف بشكل صريح ثوابت الدولة، على رأسها الملكية، مدفوعا بحقد دفين لم يعد قادرا على إخفائه. وبقدر ما تكشف تصريحاته عن نرجسية مريضة، تكشف أيضا عن مشروع مبيت وهو ضرب الشرعية من الأعلى، واستهداف العمق المؤسساتي للدولة عبر تشويه رموزه الأمنية والدستورية.
وهنا لا بد من قول الحقيقة كما هي… ما تلفظ به الريسوني ليس رأيا، بل اتهام خطير وتحريض سياسي مغلف بلغة الضحية. ومن يهاجم الملك باسم الحرية، ويهاجم مؤسسات الدولة باسم الصحافة، لا يسعى للإصلاح، بل يحلم بالفوضى.
