“بيئة مثالية”.. التنظيمات الإرهابية تتربص بـ”المناطق الهامشية” في المغرب

“بيئة مثالية”.. التنظيمات الإرهابية تتربص بـ”المناطق الهامشية” في المغرب
hassan faqir7 أغسطس 2024آخر تحديث : منذ شهر واحد

“بيئة مثالية”.. التنظيمات الإرهابية تتربص بـ”المناطق الهامشية” في المغرب

De // NaBae24

أوقفت السلطات الأمنية بمدينة مراكش، بناء على معطيات وفرتها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، الاثنين، بالجماعة القروية أوريكة التابعة لإقليم الحوز، شخصا مُواليا لتنظيم “داعش” الإرهابي ومشتبها فيه بالتورط في التحضير لإعمال إرهابية. وقبل هذه العملية الأخيرة، نفذت المصالح الأمنية المختصة عمليات أسفرت عن تفكيك مجموعة من الخلايا الإرهابية النائمة التي ينشط عناصرها في ضواحي المدن والقرى المغربية؛ وهو ما يطرح أسئلة حول الأسباب والأسرار التي تحكم لجوء عناصر التنظيمات الإرهابية إلى المناطق الهامشية والنائية من أجل التحضير والتخطيط لعملياتهم.

ويبدو أن لجوء التنظيمات الإرهابية المتطرفة، خاصة تنظيم “داعش”، إلى ما يسمى “سياسة الاختباء وتشكيل البؤر الإرهابية في الهوامش” يجد له تفسيرا في “النجاح النسبي” لهذه الاستراتيجية التي اعتمدها هذا التنظيم، خاصة في سوريا والعراق، بعدما فقد مجموعة من المناطق والبقع الجغرافية التي كانت تخضع لسيطرته الفعلية وتعد معقلا له؛ وذلك في إطار استراتيجية إعادة الانتشار والتقليل من حدة الخسائر والهزائم التي لحقته في السنوات الأخيرة.

وإن كان الواقع الأمني في هاتين الدولتين العربيتين يختلف تماما عن نظيره في المغرب الذي نجح في تحييد وتفكيك مجموعة من الخلايا الإرهابية في السنوات الأخيرة وتلافي وقوع هجمات دموية كانت لتؤثر على سمعة واستقرار البلاد، فإن مهتمين يؤكدون وجود مجموعة من العوامل الذاتية والموضوعية التي تجعل من المناطق الهامشية في المغرب فضاء خصبا وقابلا لتفريخ الخلايا الإرهابية أو حتى بعض “الذئاب المنفردة” التي يمكن أن تشكل خطرا أمنيا على البلاد والعباد.

بيئة مثالية

قال هشام معتضد، باحث في الشؤون الاستراتيجية والقضايا الأمنية، إن “تنامي وجود الإرهابيين في القرى وهوامش المدن وابتعادهم عن بؤر المدن يعزى إلى عوامل استراتيجية وسياسية معقدة عديدة، إذ تشهد المراكز الحضرية الكبرى تكثيفا أمنيا متزايدا، بما في ذلك وجود قوي للشرطة وأجهزة الاستخبارات”.

وأضاف الباحث في الشؤون الاستراتيجية والقضايا الأمنية أن “هذا الضغط الأمني المكثف يجعل من الصعب على الجماعات الإرهابية العمل بحرية في المدن؛ مما يدفعها إلى البحث عن ملاذات أقل خطورة في المناطق الريفية وهوامش المدن. وبالتالي، ينتقل التهديد الإرهابي تدريجيا من المراكز الحضرية إلى المناطق الأقل كثافة سكانية”.

في السياق نفسه أشار معتضد إلى “توفر القرى والمناطق النائية على بيئة مثالية للإرهابيين للاختباء والتخفي، بعيدا عن أنظار السلطات المكثفة؛ ذلك أن هذه المناطق تكون غالبا ذات كثافة سكانية منخفضة وبنية تحتية أمنية ضعيفة مقارنة بالمدن، مما يجعل من الصعب مراقبتها والتحكم فيها بنفس النمط العملياتي الذي يؤطر المدن والمراكز الحضرية”، مشددا على أن “هذا الضعف في البنية الأمنية يوفر للإرهابيين حرية أكبر في التخطيط والتنفيذ دون الخوف من المراقبة المباشرة”.

وبيّن المتحدث أن “المناطق الهامشية تشكل بيئة خصبة لتجنيد العناصر الإرهابية؛ نظرا لمعدلات الفقر والبطالة العالية، حيث يجد الإرهابيون في هذه المناطق قاعدة دعم أكبر بين الشباب الذين يشعرون بالإحباط واليأس من الوضع الاقتصادي والاجتماعي”، موضحا أن “بعض المناطق تكون غالبا محاطة بتضاريس طبيعية مثل الجبال والغابات، والتي توفر ملاذات آمنة للإرهابيين وتجعل عمليات الملاحقة والمطاردة أكثر صعوبة على قوات الأمن، إذ تمنح هذه التضاريس المعقدة الإرهابيين ميزة تكتيكية مهمة، حيث يمكنهم التمركز والتخطيط بعيدا عن متناول الأجهزة الأمنية التقليدية”.

وأكد الباحث في القضايا الأمنية، في تصريح لـ هسبريس، أن “المناطق الريفية وهوامش المدن تعاني في بعض الأحيان من نقص في التنسيق الأمني بين مختلف الأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى قلة الموارد والبنية التحتية اللازمة لمكافحة الإرهاب بفعالية”، مبرزا أن “هذا النقص في التنسيق يخلق فجوات أمنية تستغلها الجماعات الإرهابية لتوسيع نطاق عملياتها وتجنب الكشف والملاحقة”، موردا أن “هذه الجماعات تختار العمل في القرى وهوامش المدن لتسهيل عملياتها اللوجستية، حيث يمكنها تأسيس قواعد للتدريب وتخزين الأسلحة والمؤن، بعيدا عن المراقبة الدقيقة التي تفرضها السلطات في المراكز الحضرية”.

وخلص معتضد إلى أن “كل هذه العوامل مجتمعة تساهم في تشكيل بيئة مواتية لوجود الأنشطة الإرهابية في القرى وهوامش المدن؛ مما يستدعي من السلطات تطوير استراتيجيات أمنية وسياسية شاملة لمواجهة هذا التحدي، حيث ينبغي أن تشمل هذه الاستراتيجيات تعزيز التنسيق الأمني وتحسين البنية التحتية في المناطق النائية ومعالجة الأسباب الجذرية للتطرف من خلال التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المناطق المهمشة”.

انعزال اجتماعي

ومن زاوية اجتماعية ونفسية، قال محسن بنزاكور، دكتور متخصص في علم النفس الاجتماعي، إن “الهامش تغيب فيه ملامح التلاقح الفكري والحركة الثقافية التي يمكن أن تطور وتصنع الفكر الإنساني، فيصبح الإنسان الذي يعيش في هذا المجال لا يقبل الاختلاف أو النقد الذاتي؛ وهو ما يفرز تطور الفكر الأحادي الذي يقود إلى التطرف، لأن هذا الأخير سواء كان دينيا أو مذهبيا أو إيديولوجيا فإن سببه الرئيس هو هذا الفكر الأحادي”.

وأضاف المتخصص في علم النفس الاجتماعي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “أحادية الفكر هي التي تجعل الشخص الذي يعيش في قلب الهشاشة يعتقد ويؤمن مثلا بأن الابتعاد عن الدين هو أسباب المصائب لكل المشاكل التي تعيشها البلاد”.

وأوضح بنزاكور أن “تمركز الذات الإنسانية حول فكر واحد هو ما يولد التطرف في ظل غياب أدوات وآليات وفضاءات السجال الفكري”، مشددا على أن “الانفتاح على وسائل التكنولوجيا والتواصل الحديثة بدون فكر ناقد ساهم هو الآخر في سهولة إشاعة التطرف لدى بعض أبناء الهامش، إذ نجد أن الشخص يطالع صفحات دينية متطرفة وهو لا يعرف أو لا يستطيع التمييز بين الخطاب المتطرف عن غيره؛ لأنه لا يتملك الآليات المساعدة على ذلك، فيَسهُل بذلك تدجينه ويصبح متلقيا نهما للأفكار التي تأتي بها التي تصبح لديه أيضا بمثابة حقيقة مطلقة مضغوطا بمجموعة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية الأخرى التي تسهل عليه تقبلها”.

وسجل المتحدث أن “الانعزال الاجتماعي والثقافي والبعد عن الواقع أو محاولة تناسيه مع غياب البدائل كلها عوامل تفرز لنا عزلة مطلقة تفرخ التطرف لدى الشخص الذي يعيشها ويمكن أن يمر بعدها إلى الفعل”، مضيفا: “ثم لا ننسى أن الإنسان الذي يعيش في هوامش المدن والقرى الأصل في وقته هو الفراغ الذي يسهل الانجذاب وراء الأفكار والخطابات المتطرفة أو الإرهابية. وعليه، فيجب التفكير جديا في إدخال المسارح ودور الثقافة إلى المجالات القروية والهامشية في المغرب كي لا نُفسح المجال لاستنبات مشروع خلايا إرهابية في هذه المجالات المهمشة من لدن المنتخبين والمسؤولين المحليين”.

رابط مختصر
اترك تعليق

يجب ان تسجل الدخول لكي تتمكن من إضافة التعليقات

الاخبار العاجلة