في ذكرى 16 ماي.. استحضار منجزات المؤسسة الأمنية و الاستراتيجية الشاملة للمغرب لمواجهة تطور التطرف وملاذاته الجديدة
De // NaBae24
إن المغرب و بتوجيهات من الملك محمد السادس، إعتمد استراتيجية شاملة و مستدامة تعتمد عدة مقاربات لمكافحة التطرف و الإرهاب، فالمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، في الشق المتعلق بالمقاربة الأمنية، تطورت أساليب و وسائل عملها موازاة مع تطور الجريمة الإرهابية، إذ نجحت المملكة المغربية في بلورة خطة وطنية فعالة و متفردة لمحاربة الإرهاب، و أصبحت ذات مصداقية على الصعيد الدولي، ووراكمت تجربة ألهمت العديد من الدول، من قبيل الولايات المتحدة الأمريكية ودول بأوروبا و الشرق الأوسط و إفريقيا.
إن المغرب تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس، نصره الله و أيده، تبنى استراتيجية وطنية مندمجة شاملة لمواجهة خطر الإرهاب، تقوم على أساس العمل الاستباقي و على الوقاية، و تهم عدة جوانب سوسيواقتصادية و دينية و إعلامية فضلا عن دور المجتمع المدني و التعاون الدولي.
فقد تم التعاطي مع كل هذه المستويات بجدية سيما الحقل الديني، الذي شهد عدة مبادرات قطعت الطريق على الجماعات المتطرفة، وأسهمت في نشر الفكر السليم و نبذ الكراهية والعنف، إلى جانب إعادة إدماج المعتقلين المتابعين في قضايا الإرهاب من خلال إنشاء مركز مصالحة داخل السجون، و الذي استفاد منه نحو 322 نزيلا في دورته الرابعة عشرة.
كما يأتي دور المكتب المركزي للأبحاث القضائية، المعروف اختصارا ب”بسيج” ضمن هذه الاستراتيجية، بمثابة لبنة أساسية في هذه الأخيرة، حيث يجمع بين العمل الإستخباراتي و عمل الشرطة القضائية، و منذ إحداثه إلى اليوم، تم تفكيك 96 خلية إرهابية.
أما عن المنهجية التي يعتمدها المكتب المركزي للأبحاث القضائية، لمواكبة تطور أساليب الجماعات الإرهابية، سيما الجانب المتعلق باعتمادها على التقنيات الحديثة و الشبكة العنكبوتية، فإن المديرية و معها جميع الأجهزة الأمنية تخضع باستمرار للتطوير حسب المستجدات و التقدم التكنولوجي، و هو تطور يواكب الجريمة حسب تطور أنماط الجماعات الإرهابية، مع الحفاظ على جميع المكتسبات المعتمدة في الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الإرهاب و الفكر المتطرف المعتمدة منذ 2003.
وفي سياق متصل، فإن مسارات الإرهاب عرفت تغييرا هي الأخرى، فبالأمس كان يتم استقطاب المتطرفين نحو دول الشرق الأوسط وأفغانستان، أما اليوم فقد ظهرت مسارات أخرى، نظير منطقة الساحل في ظل تآكل قدرات مراقبة الحدود لدى بعض الدول، مما تسبب في إحداث ثغرات منحت الفرصة للتنظيمات الإرهابية للتغلغل و التنقل بين بوركينافاسو و مالي و النيجر، و هو ما دفع المغرب إلى تعزيز تعاونه و تنسيقه الأمني مع مجموعة من الشركاء على جميع المستويات.
وعلاقة بمنطقة الساحل التي أصبحت ملاذا جديدا للإرهابيين، فإن عصابة البوليساريو متورطة في الإرهاب، الشيء الذي خلصت إليه عدة مساطر أنجزتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية و المكتب المركزي للأبحاث القضائية، و تم تأكيده خلال اجتماع التحالف الدولي ضد “داعش” الذي احتضنته مراكش سنة 2022، ما أفرز عدة توصيات، على رأسها محاربة الحركات الإنفصالية بالقارة الإفريقية، لثبوت وجود صلات بينها وبين التنظيمات الإرهابية.
شهدت المؤسسة الأمنية المغربية، طيلة السنوات الماضية، بقيادة عبد اللطيف حموشي، تطورات كبيرة، منها إصلاح القانون الأساسي لرجال الأمن و تطوير مختبرات الشرطة العلمية و التقنية و تعزيز آليات البحث و الاستعلام الجنائي، حيث ركز السيد عبد اللطيف حموشي خلال هذه المدة كذلك على تحديث الإدارة الأمنية لتواكب التطورات المجتمعية، مع تفعيل البعد الحقوقي في وظائف ومرافق الأمن، و توسيع التنسيق و التعاون الأمني الدولي عبر اتفاقيات و شراكات متعددة لمحاربة الجريمة، و خاصة الإرهاب و الجريمة المنظمة العابرة للقارات.
مسار حموشي كساهر على رأس المؤسسة الأمنية المغربية انطلق عامين فقط بعد أحداث 16 ماي الذي شهدتها العاصمة الاقتصادية للمملكة، تحديدا منذ عام 2015 حين عيّنه الملك محمد السادس مديراً عاماً للأمن الوطني، ما أدى إلى توحيد قطبي الأمن، حيث كان حموشي يشغل منذ عام 2007 منصب مدير عام لمراقبة التراب الوطني.
و بهذا التعيين؛ انطلقت سلسلة من الإصلاحات القانونية و المؤسساتية و الحقوقية، بما في ذلك إنشاء المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع لـ”ديستي”، وتنفيذ أكبر المخططات الأمنية التي تعززت بعد دستور 2011.
و منذ ذلك التاريخ؛ زاد تظافر الجهود الأمنية المغربية لمكافحة مختلف مظاهر الإرهاب وواستمرت على امتداد أزيد من عقدين، جهود حددت و وحدت المملكة المغربية أسسها في استراتيجية شاملة و مندمجة لمحاربة الإرهاب و التطرف باعتماد مقاربات دينية و أمنية و اجتماعية..
و اليوم، و بعد هذا المسار الزمني، بدأت هذه الاستراتيجية تعطي ثمارها و توجت بنيل المغرب إشادة رؤساء و مسؤولي كبار الدول بمنظومته الأمنية و بأدوارها الطلائعية في مواجهة التطرف و الإرهاب. و إشادات و ثقة هذه الدول ساهمت في توسيع رقعة التعاون و التنسيق الدوليين بين المملكة المغربية وعدد من الدول الأخرى، سواء في أوروبا أو أمريكا أو إفريقيا والشرق الأوسط.