إستهداف سخيف لاحتجاج المغرب على دولة السويد
De // NaBae 24
خصص موقع “ريفيزون تي في Rifision tv” ضمن حلقة 30 يونيو 2023، حيزا زمنيا مهما لتوجيه انتقادات سخيفة ومجانية لقرار المغرب استدعاء سفيره بالسويد من أجل التشاور على خلفية إحراق القرآن من طرف سلوان موميكا، وهو عراقي فر من بلاده إلى السويد. ولعل التحامل على المغرب ومهاجمة قرار وطريقة احتجاجه على السويد يدخل ضمن تصفية الحساب مع النظام وليس الدفاع عن مصالح الوطن.
ذلك أن مهاجمة الدولة المغربية على خلفية قرارها الاحتجاجي باتهامها من طرف المعطي منجب “بالشعبوية” و”إشغال الرأي العام” كالتالي (لا أفهم لماذا اتخذ المغرب هذا القرار -قرار استدعاء السفير لمعاقبة دولة السويد؛ إما لا يفهم أن السويد دولة ديمقراطية، أو ما مفهمش أن هذاك لي أحرق القرآن هو ليس أوربيا ،هو من أصل عربي .. سخيفة جدا وهي في إطار سياسة شعبوية تقول بأن المغرب دولة عظمى وأنه يدافع عن المغرب وعن الإسلام وعن إفريقيا وعن المنطقة العربية.ولكن هذا يجعلنا أضحوكة بين الدول وأضحوكة بين الإعلام العالمي..وهذا لإشغال الرأي العام الداخلي وإظهار المغرب أنه دولة وطنية قوية).
هذا الهجوم المجاني على المغرب يؤكد الخلفية الانتقامية ويفتقر للموضوعية المطلوب توفرها في أي محلل سياسي أو صحافي فأحرى “مؤرخ” و “أكاديمي”. ذلك أن محاولة فهم وتفسير قرار استدعاء السفير المغربي بالسويد للتشاور تقتضي استحضار عنصرين أساسيين هما:
1ـ إمارة المؤمنين التي هي مسؤولية دستورية وتاريخية يتحملها ملك المغرب من أجل حماية الملة والدين. فواجب حماية الدين تلزم الملك، بصفته أمير المؤمنين، أن يتصرف بما يراه مناسبا عند تدنيس أماكن العبادة أو إحراق القرآن الكريم، من باب التنبيه إلى خطورة تلك الأفعال في إذكاء مشاعر الكراهية والتحريض على الإسلاموفوبيا، ومن ثم المس بقيم السلم والتعايش والتسامح.
2 ـ رئاسة لجنة القدس التي أسندها أعضاء منظمة المؤتمر الإسلامي للملك الراحل الحسن الثاني سنة 1975، وأعادوا تزكية الملك محمد السادس لرئاستها. وهذه اللجنة هي تعبير عن مواقف أعضاء المنظمة إزاء كل ما يتعلق بالدين الإسلامي وبالمسلمين من اعتداءات. ومعلوم أن المنظمة دعت إلى اجتماع طارئ لدراسة الكيفية التي سترد بها على الحكومة السويدية.
ولا شك أن المغرب، بقراره استدعاء سفيره بالسويد، إنما أراد أن يعبر للحكومة السويدية عن مشاعر الغضب التي يشعر بها العالم الإسلامي، خصوصا وأن هذه ليست المرة الأولى التي تتولى حكومة هذا البلد الأوربي توفير الحماية الأمنية لأي متطرف قرر إحراق القرآن والإساءة إلى المسلمين. فما تغافل عنه السيد منجب، هو أن المغرب ليس من هواة استدعاء سفرائه أو استغلال رئاسته للجنة القدس لأهداف “شعبوية” كما يزعم.
إذ سبق للمغرب أن ندد بإقدام سويدي متشدد يدعى راسموس بالودان زعيم حزب هارد لاين اليميني المتطرف الدنماركي ـ السويدي على إحراق القرآن الكريم، في أبريل 2022، دون أن يستدعي السفير.كما أدان المغرب بشدة، في مارس 2023، إحراق نسخة من المصحف الشريف بالعاصمة الدنماركية كوبنهاغن. لكن تكرار الفعل تحت حماية الحكومة السويدية استوجب التعبير عن الاحتجاج بطريقة مغايرة.
التعبير عن موقف العالم الإسلامي.
إن مسؤولية المغرب السياسية والدينية داخل منظمة المؤتمر الإسلامي تلزمه باتخاذ المواقف المناسبة تعبيرا عن مشاعر الغضب لدى عموم المسلمين في العالم إزاء أفعال خرقاء تستهدف مشاعر المسلمين، خصوصا أثناء احتفالهم بأحد أهم أعيادهم الدينية. ولم يشذ المغرب عن بقية الدول الأعضاء بالمنظمة الإسلامية في التعبير عن غضبهم وتنديدهم بالأفعال المسيئة والماسة بالمقدسات. فقد نددت معظم الدول العربية والإسلامية بحادث إحراق القرآن الكريم، فيما قررت أخرى استدعاء سفراء السويد لتقديم رسائل احتجاجية لهم، مثل الكويت.
أهل الميت صبروا والعزاية كفروا.
حين قرر المغرب استدعاء سفيره للتشاور لم يصدر عن حكومة السويد، وهي المعنية مباشرة بالقرار، ما يسيء إلى المغرب أو ينتقد قرارها. لكن السيد منجب اختار معاكسة القرار، مما ينطبق عليه المثل الشعبي “مْوَالِين الميت صبْرو ولعزّاية كفْرو”. إن رفض وإدانة فعل إحراق القرآن الكريم ينبغي أن يكون موقفا مبدئيا لدى عموم الدول والحكومات، إسلامية وغير إسلامية. بل يتوجب أخلاقيا على كل مناضل حقوقي أن يتصدى لمثل هذه الأفعال المشينة التي لا تخدم قيم التعايش والتسامح بمطالبة الحكومات وهيئات المجتمع المدني باتخاذ الموقف المناسب حتى لا تتكرر. وأولى الخطوات التي ينبغي اتخاذها والتحضير لها هي توعية وتحسيس أعضاء المؤسسات التشريعية بضرورة التمييز بين حرية التعبير وبين الإساءة إلى المعتقدات. هذه الأخيرة هي مس بحق أساسي من حقوق الإنسان، وهو حرية الاعتقاد واحترام المعتقد.
وإذ اختار السيد منجب ومعه فؤاد عبد المومني مهاجمة المغرب ومؤسساته الدستورية على خلفية قراره استدعاء سفير دولة السويد، فهذا يدل دلالة قوية على اختلال في المنطق والمنهج. إذ كيف يمكن اتهام المغرب “بالشعبوية” و”إشغال الرأي العام” في قضية تمس عقيدة الشعب المغربي وعموم المسلمين وكتابهم المقدس الذي هو القرآن الكريم، وكل العالم الإسلامي يمور بالاحتجاجات وببيانات التنديد والإدانة؟ لا شك أن قرار المغرب خلّف ارتياحا لدى عموم المغاربة لأنه أناب عنهم في إبلاغ الحكومة السويدية بغضبهم وعبّر لها عن إدانتهم الشديدة لجريمة إحراق القرآن تحت حماية الأمن السويدي. ومن يعاكس هذا القرار فهو بالتأكيد يعاكس وجدان المغاربة ولا يشاطرهم مشاعر الغضب التي تملّكتهم جراء هذا الفعل الشنيع.