من كتب ليُرضي الناس، أتعبوه
الكتابة ليست مهنة للترف أو وسيلةً لتزيين الصفحات بالكلمات، بل هي فعل صدقٍ مع الذات قبل أن تكون تواطؤاً مع ذوق الجمهور أو نزوات الرأي العام. فالذي يكتب ليُرضي الناس، لن يرضيهم أبداً؛ لأن الناس أمزجة متقلبة، إن وافقتَ أحدهم اليوم خالَفك غداً، وإن صفّق لك قومٌ في لحظة، استبدلوا التصفيق صفيراً في أخرى.
أما الكاتب الذي يكتب ليقول كلمة حق، فإنه قد لا يجد التصفيق اليوم، وقد يدفع ثمن صدقه غالياً، لكنه ينام قرير العين، واثق الخطى، مؤمن بأن للزمن عدلاً لا يخيب. فالتاريخ لا يخلّد من جامل، بل من واجه. ولا يرفع الأقلام التي راوغت، بل تلك التي صدعت بالحق حين كان الصمت أيسر وأنفع.
من كتب ليرضي الناس، أتعبوه، لأنهم سيقودونه حيث يريدون، لا حيث يريد هو. أما من كتب ليقول كلمة الحق، فإن الله سينصفه، ولو بعد حين، لأن الصدق لا يضيع، ولأن الكلمة الصادقة تملك حياة أطول من كل الأكاذيب المؤقتة.
إن الكاتب الحقيقي لا يكتب ليكون محبوباً، بل ليكون حراً. والحرية، مهما كلفت صاحبها، تظل أثمن من رضا عابرٍ أو تصفيق زائل.
عمود أسبوعي للكاتب الصحفي ذ. حسن فقير





