الترويج لامكانية عودة إلياس العماري.. استفزاز لذاكرة المغاربة
NaBae24
في الأيام الأخيرة، تسللت بعض المقالات إلى واجهات المواقع الإخبارية لتروّج لفكرة “عودة” إلياس العماري إلى الساحة السياسية. والحقيقة أن مجرد تداول هذا الاسم من جديد هو استفزاز سافر لذاكرة المغاربة، لأن هذه الذاكرة ما زالت تحتفظ بكل تفاصيل مرحلة العبث والفشل التي حملت توقيعه.
فالعماري لم يكن يومًا رجل دولة ولا زعيمًا سياسيًا بالمفهوم الحقيقي، بل كان مجرد مغامر صعد بسرعة صاروخية منذ 2015: قيادة الأصالة والمعاصرة، رئاسة جهة طنجة–تطوان–الحسيمة، نتائج انتخابية صاخبة في 2016، وإطلالة استعراضية في المشهد كـ“بديل جاهز” للحكومة. لكنه في أول اختبار حقيقي سقط سقوطًا مدوّيًا.
لقد فجّر مقتل محسن فكري في أكتوبر 2016 حراك الحسيمة، وهناك انكشفت هشاشة الرجل. لم يكن قادرًا على مواجهة الشارع، ولا على تحمل مسؤولية التهدئة. غاب حين كان يُنتظر حضوره، وعاد بخطاب باهت عبر التلفزيون لم يُطفئ شيئًا من الغضب. ثم توالت الأحداث: اعتقال ناصر الزفزافي في ماي 2017، ثم حميد المهداوي في يوليوز، ليكتمل المشهد بانسحاب العماري نفسه في غشت 2017 باستقالة مذلّة.
الأدهى أن العماري لم يكتفِ بالفشل المحلي أو الحزبي، بل لعب ورقة أخطر: تسخير أصوات إعلامية خارجية، مثل جيراندو وسامبريرو، لتشويه صورة بلده وتضخيم الأزمة. وهنا انتقل من خانة السياسي الفاشل إلى مقامر يغامر بسمعة وطنه.
إن مجرد التلويح بعودته اليوم هو استخفاف بعقول الناس، ومحاولة لإعادة تدوير تجربة سقطت نهائيًا. لقد سقط العماري، وانتهى، وأي عودة محتملة له ليست إلا عودة إلى الفوضى والمغامرة الفارغة.
المغرب لا يحتاج إلى إعادة فتح جراح الأمس. لأن ذاكرة المغاربة، التي تُستفز اليوم بذكر هذا الاسم، تعرف جيدًا أن مسار العماري لم يكن سوى من قمة الوهم إلى هاوية الفشل.
