نبأ24: التصدي للتفاهة والابتذال وشرعنة الفوضى باسم الصحافة
نبأ24 // حسن فقير
في عالم يفيض بالمعلومات ويتسابق فيه الجميع لنقل الأخبار وصناعة المحتوى، أصبح من الضروري التمييز بين الصحافة الحقيقية وبين محاولات التشويه والتضليل التي تتخفى تحت مسمى الإعلام أو حرية التعبير. إن التفاهة والابتذال وشرعنة الفوضى تحت غطاء الصحافة ليست مجرد مظاهر عابرة، بل هي تهديد حقيقي للقيم الإعلامية والأخلاقية التي تستند إليها المجتمعات المتحضرة.
التفاهة كأداة للإلهاء
لا يخفى على أحد أن التفاهة أصبحت جزءًا من المشهد الإعلامي، حيث يتم الترويج لمحتوى سطحي يركز على الفضائح والتفاصيل الهامشية بدلاً من القضايا الجوهرية التي تؤثر على حياة الناس. هذا ليس مجرد انحدار في الذوق العام، بل هو تكتيك متعمد لصرف الانتباه عن القضايا الحقيقية، مما يؤدي إلى تغييب الوعي الجماعي وإشغال العقول بما لا طائل منه.
الابتذال والإسفاف: تسليع الإعلام
إن استخدام لغة مبتذلة وأساليب إعلامية سطحية لا يخدم سوى إثارة الجدل وزيادة نسب المشاهدة دون تقديم أي قيمة معرفية. هذا النوع من الإعلام يحول الصحافة إلى سوق استهلاكية، حيث يصبح المحتوى مجرد وسيلة لجذب التفاعل بدلاً من أن يكون أداة للتنوير والتوعية.
شرعنة الفوضى تحت مسمى حرية الإعلام
في بعض الأحيان، يتم الترويج للفوضى على أنها شكل من أشكال حرية التعبير، لكن الفرق شاسع بين حرية الإعلام وبين نشر الفوضى دون ضوابط أو معايير مهنية. الصحافة الحقيقية تقوم على البحث عن الحقيقة ونقلها بمسؤولية، أما ما نشهده اليوم في بعض المنصات الإعلامية فهو مجرد استغلال لمفهوم الحرية لتبرير التجاوزات الأخلاقية والتلاعب بالمجتمعات.
كيف نتصدى لهذه الظواهر؟
• التوعية الإعلامية: يجب تعزيز الوعي لدى الجمهور للتمييز بين الصحافة الحقيقية وبين الإعلام المبتذل الذي يهدف إلى التضليل.
• دعم الصحافة المهنية: من خلال دعم المؤسسات الإعلامية التي تلتزم بأخلاقيات المهنة وتقديم محتوى جاد وهادف.
• المساءلة القانونية: يجب وضع قوانين وضوابط تحمي المجال الإعلامي من الاستغلال والتلاعب، دون المساس بحرية الصحافة الحقيقية.
• نشر ثقافة التفكير النقدي: بحيث يصبح الجمهور أكثر قدرة على تحليل المحتوى الإعلامي والتعامل معه بوعي بدلاً من أن يكون مجرد مستهلك سلبي.
الخاتمة
الصحافة الحقيقية ليست مجرد وسيلة لنقل الأخبار، بل هي ركيزة أساسية في بناء المجتمعات الواعية والمستقرة. لذلك، فإن التصدي للتفاهة والابتذال وشرعنة الفوضى باسم الإعلام ليس مجرد مسؤولية الصحفيين، بل هو واجب مجتمعي يشارك فيه الجميع، من المثقفين إلى المواطنين العاديين، لضمان أن تظل الصحافة منارة للحقيقة لا أداة للإلهاء والتضليل.
