أخلاق الناس الحقيقية تظهر في مواقف الغضب، ففي ساعات الرضى كل الناس سواسية
De // NaBae 24
- قال الأصمعيَّ : كنتُ عند الرشيد يوماً، فرُفِعَتْ إليه شكوى في قاضٍ قد استعمله يُقال له عافية. استدعى الرشيدُ عافية القاضي، وكان في المجلس خلقٌ كثير، وجعلَ الرشيدُ يُخاطبه، ويعرضُ عليه ما رُفع إليه بشأنه، فطالَ المجلسُ، فعطس الرشيدُ، فشمَّته كل من كان في المجلس، إلا عافية القاضي! فقال له الرشيد: ما لكَ لم تُشمِّتني كما فعل القوم؟ فقال له: لأنكَ لم تحمد الله يا أمير المؤمنين! هذا النبيُّ صلى الله عليه وسلم عطسَ عنده رجلان، فشمَّتَ أحدهما ولم يُشمِّتْ الآخر! فقال له: يا رسول الله، ما لكَ شمَّتَ فلاناً ولم تُشمتني؟ فقال: «إنَّ هذا حمدَ الله، فشمتناه، وأنتَ لم تحمده، فلم أُشمِّتكَ»! فقال له الرشيد: اِرجعْ إلى عملك، إنك لم تسامح في عطسة، حتى تسامح في غيرها! لا تحتاج إلى أن تُقيم في أعماق الناس لتعرف حقيقتهم، الناس يُخرجون ما في أعماقهم في كل موقف! الطريقة التي يُعاملُ بها الإنسان من تحته تخبركَ بمنظومة القيم التي يحملها، و بالتربية التي تلقاها، و أخلاقنا الحقيقية تظهرُ مع البواب المسكين، و البائع المتجول، و عامل النظافة، و الخادمة في البيت!
مع الوزراء و الرؤساء و المدراء الجميع مؤدَّبون!
خلاق الناس الحقيقية تظهر في مواقف الغضب، ففي ساعات الرضى كل الناس سواسية، لهذا كانت العرب تقولُ: من أغضَبْتَه فلم يَضرك فاتخذه صاحباً!
أخلاق الأزواج و الزوجات لا تظهر في غرف النوم و إنما في مناكب الحياة، عندما يقع الخلاف، و عندما لا يكفي الرّاتب، و عندما يحتاج الموقف إلى التعامل بالمعروف لا بقانون الحق و الواجب! نحن مدينون للخلافات أحياناً لأنها ترينا قيمتنا عند الآخرين، و تُري الآخرين قيمتهم عندنا أيضاً!
أخلاقُكَ الحقيقية لا تظهر في المسجد، الكل هناك أتقياء، أخلاقُكَ الحقيقية تظهر في دكانكَ، و متجركَ، و وظيفتكَ، و عيادتكَ، و ورشتكَ!
رُقيُّكَ ليس في صورة كتاب و فنجان قهوة، و إنما في الطريقة التي تترك بها الحديقة العامة بعد أن جلستَ فيها، و في قارورة الماء الفارغة، و الورقة التي ترميها من نافذة السيارة أو تحتفظ بها!
المواقف الصغيرة تُخبركَ عن الأشياء الكبيرة، فافهَمْ!
عن // الخطيبُ في تاريخ بغداد، وابنُ عساكر في تاريخ دمشق، والمزيُّ في الكمال: