كاريكاتير: عندما تضع الحرب أوزارها تعلن الجزائر أنها تَتُوقُ لقلب الصفحة بل وإعادة تصفحها برفقة فرنسا
De // NaBae 24
بعد سلسلة من التأجيلات غير المبررة، تكرم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونزل من برجه العالي كي يحدد النصف الثاني من شهر يونيو المقبل، كموعد نهائي لزيارة رسمية من المنتظر أن يجريها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى فرنسا.
المتابعون للشأن السياسي الدولي يستغربون كيف أمكن للجزائر قيادة، أن تتشبث بأهداب فرنسا رغم كل الإهانات المتوالية التي جرعتها إياها، ما يطرح السؤال عريضا: هل انزوت بلاد الجنرالات دوليا بعدما كان الحال كذلك إقليميا وصارت اليوم تسابق الزمن للحفاظ على شراكاتها الدولية؟. ولعل ما يعزز حالة التوهان التي تعيشها اليوم القيادة الجزائرية هي الدفع برئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أول السعيد شنقريحة للقاء إيمانويل ماكرون في زيارة رسمية أواسط شهر يناير المنصرم، وهو إجراء منافي تماما للأعراف الدبلوماسية التي تقتضي استقبال مسؤول عسكري من طرف مسؤول يوازيه في الرتبة أو يفوقه فيها.
لكن حكام الجزائر الفاقدين للشرعية وللحنكة السياسية كآليات كفيلة بإدارة البلاد بجدية وصرامة تحفظ لها اعتبارها بين الأمم، لا يمكن أن يرتضوا إلا بهكذا معاملة مهينة اختبر فيها ماكرون الماكر صفاقة وجه تبون ومن يدور في فلكه فلم يخيبوا ظنه، ومنحوه “كارت أخضر” كي يسحلهم ويبرهن للمنتظم الدولي أن دولة الجزائر يصدق فيها قول الأسلاف “كاين اللي عزيز عليه شناقو”، أو بالأحرى عبد المجيد تبون والسعيد شنقريحة اللذان يقودان الجزائر برأسين، يعانيان من متلازمة ستوكهولم أو حينما يتعاطف الضحية مع المعتدي، وهي حالة تصيب الفرد عندما يتعاطف مع عدوه أو من أساء إليه ويظهر علامات الولاء له بأي شكل من الأشكال. ومعلوم لدى القاضي والداني أن فرنسا نكلت بالجزائر أيما تنكيل، بدأ بالمساس بتاريخها كدولة حيث نفى ماكرون خلال لقاء جمعه بأحفاد “حركي” (عملاء جزائريون عملوا مع فرنسا)، عام 2021 وجود أمة جزائرية قبل استعمار بلاده لها، وهي التصريحات التي أثارت القلاقل ودفعت الرئاسة الجزائرية إلى استدعاء سفير الجزائر في باريس للتشاور، احتجاجا على تصريحات ماكرون، التي وصفتها بـ”المسيئة”. بل أكثر من ذلك، منعت الطائرات العسكرية الفرنسية من عبور الأجواء الجزائرية باتجاه دول الساحل الإفريقي. ثم انضافت إلى القائمة قضية الناشطة الفرنسية ذات الأصول الجزائرية أميرة بوراوي حينما تدخلت فرنسا لإنقاذها من بطش العسكر وتجندت تونس بدورها لتأمين عملية ترحيلها نحو فرنسا حيث يقيم ابنها. وهنا انتفض ساكن قصر المرادية وقرر من جديد استدعاء السفير الجزائري بباريس محمد عنتر داوود، فيما يشبه تصرفات “الغضبانة فاش كتخرج من بيت الزوجية”.
هذه التطاحنات السياسية وأخرى مثيلاتها مع فرنسا، والتي تفاعل معها النظام الجزائري بسياسة “تحمار العينين” فقط واستدعاء ممثله الدبلوماسي داخل التراب الفرنسي بين الفينة والأخرى، تجعلنا على قناعة أننا أمام نظام سياسي بليد يرهن شعب بأكمله تحت أقدام إيمانويل ماكرون المتغطرس ويقبل منه الفضلات لقاء تعزيز ما تسميه أبواق الكابرانات ﺑ”التعاون الثنائي”.