محمد زيان وعمر الراضي..نموذج من “سجناء الفشوش”
De // NaBae 24
لم يعد لقب أولاد الفشوش” ينصرف حصريا إلى أبناء الميسورين الذين يرتكبون حوادث مفجعة، أو يتورطون في جرائم مخلة، مثلما تذكرنا بذلك قضايا عديدة من بينها حادثة سليل عائلة الدرهم، الذي كان يسوق سيارة بورش وينادي فين “الكونسطاطور”، وكذا قضية ابن المقاول العقاري الذي دهس مؤخرا شابا في ربيع العمر بمدينة الدار البيضاء.
فللأسف الشديد، عرف لقب “الفشوش” العديد من التوظيفات الجديدة بعدما ولج السجون من أبوابها الواسعة! فأصبحنا نسمع كل يوم حكاية جديدة عن سجين من سجناء الفشوش، الذين يريدون معاملة خاصة، وزنازن مستقلة، وأحيانا إعارة طويلة الأمد بالمستشفيات العمومية بعيدا عن عزلة السجن وقضبانه الحديدية.
فمثلا السجين محمد زيان، المحكوم بثلاث سنوات في قضايا التحرش الجنسي والفساد والتواطؤ وإعطاء القدوة السيئة لقاصر والمشاركة في الخيانة الزوجية، يستحق عن جدارة واستحقاق حمل لقب سجين “الفشوش”!
فقد أضحى من باب الاعتياد والمألوف أن تتحدث جريدة محمد زيان، في كل مرة، عن مزاعم تردي وضعه الصحي، وتجتر بلسانه مطالب بإخراجه للتداوي والاستشفاء بالمؤسسات الطبية خارج السجن. ومن المفارقات الغريبة، أنه لما تمت الاستجابة لهذا المطلب مؤخرا، خرجت نفس الجريدة تتهم إدارة السجن بالنكوص والتقاعس وتحملها مسؤوليات استباقية تقع في علم الغيب ومرهونة بشرط: وهي إذا تأزم وضعه الصحي في الأمد المنظور!
ومن تجليات “فشوش” محمد زيان أنه يرغب في “الاستشفاء خارج السجن”، وأن “يستقبل محامين وأصحابه حسب أهوائه”، وكأن الرجل نسي بأنه مسجون في قضايا أخلاقية، وليس مقيما في مؤسسة سياحية مصنفة خارج نجوم وزارة السياحة.
أما السجين الأكثر “فشوشا” فهو عمر الراضي الذي كان يعتقد بأن العمالة للخارج سوف تضمن له الحصانة من السجن بالداخل. وحتى لما سجن وأدين بالحبس النافذ، انبرى والده يبحث له عن موجبات “الفشوش”، من قبيل أن عمر يريد غرفة انفرادية بعيدا عن باقي السجناء الذين يعتبرهم “دون المستوى”!
وعندما استجابت إدارة السجون لهذا المطلب الانفرادي، خرج الراضي الأب غير راضيا يتهم مندوبية السجون بعزل ابنه عن باقي السجناء، رغم هذه أن العزلة كانت مطلبا شخصيا و فيسبوكيا شارك فيه كل ذوي القربى. والمثير هنا، أنه عندما قررت إدارة السجن إرجاع السجين عمر لعنبر السجناء الجماعي، خرجت عائلة الراضي غير راضية مرة أخرى، متهمة مندوبية التامك بإيداع ابنها مع سجناء ليسوا من مستواه!!
أكثر من ذلك، فقد دهبت عائلة الراضي بعيدا في “الفشوش” عندما ادعت بأن عمر ليس له “الخرقة” الكافية لتحمل صور الصراصير والبعوض! فالسجين عمر هو “من نزلاء الفشوش”، وليس كباقي النزلاء، مما يتعين معه وضعه في مكان يلائم وضعه الاعتباري! وحبذا لو كان فيه قنينات من الجعة الباردة التي كان يحب معاقرتها عند مشاركته في تحليل أوضاعنا نحن المغاربة.
فما يجهله المقربون من محمد زيان وعمر الراضي أن السجن هو فضاء عام لقضاء العقوبة الحبسية، وليس منتجعا للاستجمام والترفيه، وهو كذلك مؤسسة للإصلاح والتهذيب والتقويم، وليس مكان للفشوش والتخنث، كما أن المغاربة ليسوا مستعدين على الإطلاق لكي تصرف ضرائبهم على إقامة واستشفاء سجينين ارتميا في براثن الأجنبي، فالأول كان يقدم معلومات مغلوطة للصحافة الاسبانية عن صحة عاهل البلاد، والثاني كان يقايض معطيات اقتصادية مهمة بتحويلات مالية غير شرعية.