حبل الكذب قصير يا سي المروري
سارع المحامي المروري إلى إصدار بيان يحاول، يائسا، تلميع سمعته التي باتت ملطخة بفعل ملفات الفساد والتزوير والنصب التي تلاحقه، مما اضطره إلى الفرار قاصدا الديار الكندية. وكما يقول المثل “حبل الكذب قصير”، فإن البيان إياه جاء مليئا بالكذب والتناقض، مما يزكى التهم التي تطارده؛ وبدل تبرئة نفسه أدانها. ويمكن الوقوف عند بعض أوجه الكذب والتناقض كالتالي:
1 ـ إن البيان يتضمن إقرارا بالتهرب الضريبي وبعدم التصريح بالأجراء لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. ومعنى هذا أن ما يتم تداوله من تهم حقيقة، وجاء البيان ليثبت صحتها كالتالي: “أن المبالغ المالية الضخمة والمُبالغ فيها التي يروج بأن الشركة صاحبة المؤسسة التعليمية الخاصة مدينة بها لفائدة إدارة الضرائب والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، هي مبالغ غير صحيحة، وهي حاليا موضوع معالجة بين الإدارتين المذكورتين ومسير الشركة. وأن المبلغ الذي يتم الترويج له لا يمكن أن يصل إلى ذلك الرقم المهول”. فالاعتراف هنا لا يدخل في باب الفضيلة لأنه ليس اعترافا بالخطأ؛ بل هو سيّد الأدلة في إثبات التهم ووجوب الإدانة، لأنه يتعلق بأكل أموال وحقوق المستخدمين بالباطل التي نهى عنها الله تعالى }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا{ سورة النساء: 29-30.
2 ـ إن البيان يتضمن تناقضا صارخا في موضوع حقوق المستخدمين، بحيث صرح المحامي المروري “أن الشركة كانت وما تزال ملتزمة بالتصريح بجميع أجرائها وفق القانون، وحسب ما يقتضيه قانون الشغل وطبيعة العقد الذي يجمع بين أطرافه”. وهذا يتناقض مع ما كتبه بخط يده في التوضيح رقم 1 الذي يقر فيه بأن المبالغ المستحقة لفائدة المأجورين وكذا الضرائب “هي حاليا موضوع معالجة بين الإدارتين المذكورتين ومسير الشركة”. إذ لو كانت الشركة التابعة للمحامي المروري تؤدي ما عليها من واجبات نحو إدارة الضرائب ونحو الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لما كانت “موضوع معالجة” بعد أن انفضح أمره.
3 ـ إن البيان يثبت كذب المروري وجشعه. فقد جاء فيه “أن تفويت بعض أسهمي الخاصة إلى مالك العقار هو شأن خاص وداخلي، يندرج في إطار المعاملات التي يؤطرها ويحميها القانون الخاص، ولا يلزمني إعلام الرأي العام به تحت أي ظرف من الظروف، وقد تم ذلك وفق القانون وبالتراضي بين جميع الأطراف”. بينما الحقيقة التي أخفاها صاحب البيان هي كونه استولى على أموال آباء وأولياء التلاميذ دون أن يسدد واجبات الكراء لصاحب العقار منذ 2012، والتي بلغت 450 مليون سنتيم. وأمام إصرار مالك العقار على تحصيل ديونه أو اللجوء إلى القضاء، اضطر المروري إلى التنازل عن 4/3 أسهمه لفائدته. إنه تنازل اضطراري وليس تفويتا “بالتراضي”.
رابعا: أسباب قانونية وراء الفرار إلى كندا وليست عائلية. حاول صاحب البيان تمويه الرأي العام عن حقيقة تواجده بالديار الكندية إذ اعتبرها “لأسباب أسرية. وأن ذلك مرتبط بأشخاص وأطراف أسرية أخرى يستلزم الوضع احترامهم وتقديرهم”. بينما الحقيقة هي الفرار من العدالة بسبب قضايا النصب والتزوير والتهرب الضريبي التي تلاحقه بسببها. فالمروري ليس ملزما بتوضيح أسباب وجوده في كندا ولكنه ملزم بمواجهة ضحاياه أمام القضاء المغربي وأداء ما بذمته لفائدتهم. والأمر لا يتعلق فقط بمن هم خارج حزبه، بل من ضحاياه زميله في الحزب محمد رضى بنخلدون الذي نصب عليه في مبالغ مهمة كما نصب على غيره. فالمروري لا يرقب إلاّ ولا ذمّة.
خامسا: البيان يثبت فساد المحامي المروري. فقد أقر “أن الضيعة وغيرها التي يُدعى أنني فوتها لزوجتي الفاضلة. والحقيقة أن زوجتي اشترت تلك الضيعة”. إن ما تداولته الصحافة الوطنية هو كون المروري فوّت قطعة أرضية كان يملكها لفائدة زوجته في إطار إبعاد شبهات الفساد عنه والتي من شأنها أن تجعله موضوع المحاسبة “من أين لك هذا؟”. وما يزكي شبهة الفساد أن المروري تم عزله من منصب نائب رئيس مقاطعة يعقوب المنصور بسبب رفضه التصريح بممتلكاته حسب مقتضيات المادة الأولى من القانون المتعلق بإحداث التصريح الإجباري لبعض منتخبي المجالس المحلية والغرف المهنية وبعض فئات الموظفين أو الأعوان العموميين بممتلكاتهم. وقد صدر قرار العزل بالجريدة الرسمية عدد 6892 بتاريخ 18 يونيو 2020. هنا يطرح السؤال: ما الذي جعل المروري يمتنع عن الخضوع للقانون؟ وما الذي دفعه إلى رفض التصريح بممتلكاته؟ أين هي الوطنية وأين هو احترام المؤسسات الذي يزعم المروري “النضال” من أجل إصلاحها؟ فهل يكون مناضلا من يرفض احترام القانون والخضوع له؟ أهذه هي الشفافية التي يطالب بها المروري؟ أيوجد فساد أكبر من فساد المروري؟ إن الأمر لا يحتاج إلى كبير عناء لمعرفة دوافع رفض التصريح بالممتلكات حتى لا ينفضح أمره وتظهر حقيقة أساليب الفساد والتزوير والنصب التي يسلكها في مراكمة ثروته.
“رمتني بدائها وانسلّت”
سادسا: إن البيان هروب وتدليس. إذ بدل مواجهة الاتهامات والقضايا المرفوعة ضده، لجأ إلى اتهام الأجهزة الأمنية “بطريقة غير مسؤولة بتسريب معلومات من المفروض أنها مشمولة بالسر المهني”. إن المعطيات حول التهرب الضريبي أو عدم تسديد السومة الكرائية أو قضايا النصب والتزوير لا تحتاج تدخلا من الأجهزة الأمنية للحصول عليها، بل يمكن الحصول عليها من مصادر شتى، في مقدمتها الأطراف المتضررة والمشتكية. إذ ليس سرا شكاية الأستاذة المغربية المقيمة في أمريكا، كما ليست سرا حالات النصب والتزوير التي خرج أصحابها إلى العلن والإعلام لفضح المحامي المروري.
سابعا: فساد المروري هو فاضحه. كعادة الكذابين والمزورين والفاسدين، لجأ المروري إلى اعتبار أسباب “الحملة ضده””إلى دفاعي المعروف عن كل من الصحفيين توفيق بوعشرين وهاجر الريسوني وسليمان الريسوني”. لم يسأل المروري نفسه هل كان المحامي الوحيد للدفاع عن هؤلاء الثلاثة الذين ذكرهم؟ هل يمكن أن يخبر القراء عن أوجه “التهديد والتشهير والتضييق” التي يتعرض لها محامو بوعشرين والريسونيين؟
من لا مصداقية له لا وزن له.
ليس المروري بالشخص المهم أو الخطير حتى يكون موضوع رصد وتتبع من طرف الأجهزة الأمنية. ومن أين تأتيه تلك الأهمية التي لم تكن له حتى داخل حزبه البيجيدي، الذي إلى اليوم، لم يصدر عنه أي بلاغ أو حتى إخبار عنه بالموقع الرسمي للحزب؟ إن المروري فقدَ مصداقيته داخل حزبه وصار نكرة بلا قيمة ولا أهمية. وهذا أكبر إذلال له أن يتخلى عنه حزبه ومناضلوه ليجد نفسه في “الـﯕلتة” ينق مع الضفادع أو ينعق مع غربان الشؤم.
- منقول –