حين تقتل فرنسا قيم “الإخاء والحرية والمساواة” بدم بارد
De // NaBae 24
تواصل “فرنسا ماكرون” الإنحدار إلى القاع، وكلما وجدت حدا معينا من الغرق “الرحيم” ، حفرت أكثر، باحثة عن حلم اسمه “الدرك الأسفل” .
وما يقع، في هذه الأثناء، من أحداث واصطدامات وعنف متبادل بين جزء من الشعب الفرنسي، وقوات الأمن المدججة بكل أنواع القمع، مشهد من مشاهد كثيرة، ستتكرر في الأيام المقبلة، كرد فعل طبيعي على اختيارات سياسية ممنهجة، تضرب في العمق قيم “الإخاء والمساواة والحرية”.
لقد جعل ماكرون من مناطق فرنسا وقطاعاتها وفئاتها الاجتماعية وضواحيها، حقولا لقنابل موقوتة، إرضاء لطموح متأخر في “الزعامة” داخليا وخارجيا، في وقت تتقزم فيه هذه الدولة في خارطة العالم، ويضمحل دورها الريادي في مستعمراتها القديمة وفي المحافل الدولية.
وبدأت هذه القنابل في الانفجار منذ بداية السنة الجارية، إذ ما إن تسلم “ماكرون” قمطر القيادة للمرة الثانية، حتى أحرق فرنسا بقانون جديد لإصلاح نظام التعاقد والتغطية الاجتماعية.
وبالاختبارات اللاشعبية نفسها، واصل الرئيس الشاب، وضع النار تحت فتيل الاضطرابات، بتكريس سياسة الإقصاء والتهميش والدونية ضد أبناء الضواحي، الذين يمثلون الجيل الثالث، أو الرابع من المهاجرين.
وتتعامل فرنسا مع أبناء المهاجرين، مثل عالة وثقل تاريخيين، رغم الأدوار الطلائعية التي قام بها آباؤهم في بناء فرنسا الحديثة ما بعد الحرب الثانية، وفي بناء اقتصادها إلى أن أوصلها إلى مائدة الخمس الدول الكبرى الأقوى اقتصادا.
ووحده فرانسوا ميتران، الرئيس الفرنسي الراحل، من تحدث بوضوح كبير عن الهجرة والمهاجرين، حين قال إن “المهاجرين لم يأتوا بمفردهم وإنما تم جلبهم بالشاحنات والقوارب، لأن فرنسا كانت في حاجة إلى العمالة في المناجم وصناعة السيارات والأشغال العامة وجميع الصناعات الملوثة التي يرفضها الفرنسيون”.
اليوم، نجح ماكرون في قلب المعادلة، وجعل أبناء المهاجرين مشكلة، تتعقد كل مرور مع تنامي خطاب الكراهية والتمييز والعنصرية، بإيعاز من نخب في الإعلام والسياسة وفي الجامعة والمؤسسات.
ويشكل إطلاق الرصاص الحي على يافع (17 سنة) من أصول جزائرية من قبل رجل أمن، أحد التجليات الدموية لاختيار يقسم الفرنسيين إلى فئة واحدة تستحق أن تعيش وتحيا، وفئة مصيرها القتل.