موسم مولاي عبد الله أمغار… بين بهجة الاحتفال ومرارة الحاجة
بقلم: حسن فقير – Nabae24.com
حين يفتح موسم مولاي عبد الله أمغار أبوابه، يتحوّل الفضاء الفسيح إلى لوحة فسيفسائية نابضة بالحياة، تتمازج فيها الألوان والأنغام والروائح في تناغم نادر. هو ليس فقط موسماً، بل ذاكرة جماعية تختزل ماضياً تليداً وحاضراً متجددًا، حيث تسكن البركة في ترابه، وتنبض الحياة في كل ركن من أركانه.
الاحتفال هنا له أوجه متعددة؛ فرق موسيقية شعبية تصدح بأهازيجها، سربات خيول تهز الأرض تحت سنابكها، حفظة كتاب الله يتلون القرآن بطمأنينة، وسيرك يقدم عروضه المشوقة من بهلوانات وألعاب خطرة ترسم الدهشة على وجوه الأطفال والكبار. كل شيء ينبض بالحياة… كل شيء يوحي بالفرح.
ورغم كل هذا، فإن نجاح الموسم لا يكون وليد الصدفة، بل هو ثمرة تظافر جهود جبّارة لرجال ونساء يعملون بصمت من وراء الستار: رجال القوات المساعدة، الدرك الملكي، عناصر الأمن الوطني، الشرطة الإدارية، القياد، الشيوخ، والمقدمين… كلهم يسهرون على أمن الزوار وسلامتهم، ليظل الموسم آمنًا، منظمًا، متحضّرًا، يليق باسمه وبتاريخه.
لقد تغير الزمن، وتغيرت الوسائل، فمن كان يأتي إلى الموسم راجلًا من أزمور أو سيدي بنور أو اثنين شتوكة، أصبح اليوم يركب الحافلات والطاكسيات والطوبيسات التي تؤمن النقل بأثمنة مناسبة. أصبحت الطرق معبّدة، والوصول إلى فضاء الموسم يسير، والحركة الاقتصادية تزدهر، والمطاعم والمجمرات والجزارون والبقالة وتجار الفواكه والحلويات يحيون ليالي الموسم بلا توقف.
لكن، ولأن لا شيء كامل في هذه الدنيا، يبقى في القلب غصة، وفي العقل سؤال لا يفارق: كيف لموسم بهذا الحجم، وبهذا التاريخ، وبهذا العدد الهائل من الزوار، أن يفتقر إلى أبسط الحقوق الإنسانية: المراحيض والماء؟
نساء وفتيات، رجال مسنون، مرضى السكري، وأطفال… الكل يشتكي من هذا النقص الفادح. لا مراحيض تليق بعدد الزوار، لا ثابتة ولا متنقلة، وصفوف طويلة من الناس يحملون سطولهم وقنيناتهم طلبًا لبضع لترات من الماء. هنا تنهار الصورة الجميلة، ويتحول الفرح إلى ضيق، والاحتفال إلى معاناة.
إنه نداء نرفعه بكل محبة واحترام
